138

من حديث النفس

من حديث النفس

ناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الثامنة

اشاعت کا سال

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

پبلشر کا مقام

جدة - المملكة العربية السعودية

اصناف

الخالص الذي يأكل الحبيبين كما تأكل النار المعدن ثم تخرجهما جوهرًا واحدًا مصفّى نقيًا ما فيه «أنا» ولا «أنت»، ولكن فيه «نحن»؟ فنفضت يديّ من الحب، ويئست من أن أرى عند الناس الاجتماع المطلق، فعدت بطوعي أنشد الوحدة المطلقة. * * * صرت أكره أن ألتقي بالناس، وأنفر من المجتمعات، لأني لم أجد في كل ذلك إلاّ اجتماعًا مزيفًا: يتعانق الحبيبان، ولو كُشف لك عن نفسيهما لرأيت بينهما مثل ما بين الأزل والأبد، ويتناجى الصديقان ويتبادلان عبارات الود والإخاء، ولو ظهر لك باطنهما لرأيت كلًاّ منهما يلعن الآخر، وترى الجمعية الوطنية أو الحزب الشعبي، فلا تسمع إلاّ خطبًا في التضحية والإخلاص ولا ترى إلاّ اجتماعًا واتفاقًا بين الأعضاء، ولو دخلت في قلوبهم لما وجدت إلاّ الإخلاص للذات وحب النفس وتضحية كل شيء في سبيل لذة شخصية أو منفعة! وجدتني غريبًا بين الناس، فتركت الناس وانصرفت إلى نفسي أكشف عالمها وأجوب فيافيها وأقطع بحارها وأدرس نواميسها، وجعلت من أفكاري وعواطفي أصدقاء وأعداء، وعشت بحب الأصدقاء وحرب الأعداء! * * * إنّ مَن حاول معرفة نفسه عرضت له عقبات كَاداء ومشقات

1 / 148