عقیدت سے انقلاب تک (٢): توحید
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
اصناف
الهزيمة: فإذا ما تشعبت المعركة بين دعاة الأمر الواقع وأصحاب الحق الضائع، ودارت الدائرة على المظلوم، واشتدت قوى الظلم، أصبح صاحب الحق المهضوم شهيدا لا يمكن مناصرته إلا بالانفعالات والنيات الحسنة أو باستمرار النضال مع بنيه وباقي الأئمة. فإذا ما توالت الهزائم على الأئمة ولم يحدث أن عاد الحق الضائع، ويئست الجماعة الناصرة له، واستحال النضال، تحولت المعركة إلى مجرد أماني وبكاء على الشهداء وتعظيما للأئمة وإكبارا للزعماء. وكلما ازداد الظلم اشتد التعظيم، وتحول الشخص التاريخي إلى شخص معنوي ثم تحول الشخص المعنوي إلى فكرة وحقيقة خالدة، فصار الشخص إلها، والأمير ربا. وهذا ما حدث لعلي وبنيه والأئمة من بعدهم. (4)
الاضطهاد: وبعد الهزيمة يتوالى الاضطهاد على أصحاب الحق الضائع. وتنشأ معظم الأفكار التي تنشأ غالبا من سيكلوجية الاضطهاد مثل الخلود والخلاص والعودة والاتجاهات الباطنية كما هو معروف من تاريخ اليهود القدماء أيام الأسر البابلي. وفي المسيحية نشأت عبادة القديسين واحترام رفات الأولياء والشهداء من اضطهاد المسالمين وقتل الأبرياء وظلم أصحاب الحقوق في عصر الشهداء. وقد عبرت رؤيا يوحنا عن هذا البناء النفسي القائم على الشعور بالاضطهاد، الصراع بين الخير والشر ، وانتصار الخير بالخيال في النهاية. فاضطهاد الأمويين للشيعة كاضطهاد الرومان للمسيحيين، وأسر نبوخذ نصر للعبرانيين.
وكما يحدث التأليه من الشعور الجماعي بالنسبة إلى الشخص الذي تجتمع فيه شروط التأليه يحدث أيضا من الشخص نفسه الذي تخلقه الجماعة كمخلص لها. ففي كل مجتمع مضطهد مغلوب على أمره، مستضعف يبغي الخلاص، تنشأ فيه أفكار الخلاص في المستقبل وتتشخص في صورة شخص المخلص الذي سيظهر عاجلا أم آجلا لتحقيق هذا الخلاص. فإذا ظهر الشخص ولم تؤلهه الجماعة أله هو نفسه إما فجأة من عنف الصدمة التي تلقاها المجتمع المهزوم فيؤله نفسه، وبالتالي يصبح نبيا وإماما، وإما تدريجيا عندما يصعب الخلاص ويصر على طلب النصر، فيحول نفسه من مجرد إمام إلى نبي ثم إلى إله ويكون التأليه هنا تعمية عما يحدث في الواقع وغطاء يستر الهزيمة، وأملا في سراب كتعويض عن مرارة الواقع واليأس من الخلاص. وهكذا ادعى صاحب كل فرقة من غلاة الشيعة الألوهية أو على أقل تقدير يبدأ بادعاء النبوة والرسالة. وما أن يفشل في تحقيقها أو بدلا من أن يحققها بالفعل حتى ينال الخلود يظن أنه قد حققها بالفعل، فيؤله نفسه ويخلدها ويعبدها نظرا بعد أن فشل أو عجز عن القيام بالرسالة عملا. فكل تأليه فشل وعجز. ويسهل تأليه الإنسان لأنه عندما يتأمل نفسه يجد أنه أشرف ما في الكون وأعظم آياته، فيؤله نفسه بالخيال بدلا من أن يعمل جاهدا فيخلد نفسه بالعمل. التأليه عملية يقوم بها العاجز أو معركة في الهواء يقوم بها الضعيف في حين أن تخليد الذات بالفعل عمل إيجابي ووجود موضوعي للخلود من خلال الفعل.
38 (2-2) درجات التأليه وطرقه
ويمكن التمييز بين ثلاث درجات في التأليه: الألوهية، والنبوة، والإمامة، تبعا لعنف الصدمة أو ضعفها. فإذا كانت صدمة الجماعة الأولى عادية نشأ التأليه متدرجا من الإمامة إلى النبوة ثم إلى الألوهية تبعا لإضافة كل جماعة من خيالها وخلقها. أما إذا كانت الصدمة عنيفة نشأ التأليه أولا في أعلى صورة له في الألوهية ثم انخفض تدريجيا من الألوهية إلى النبوة ويصل إلى أقل درجاته في الإمامة، وقد تجمع الدرجة القصوى بين الألوهية والنبوة والإمامة معا، فإذا خفت حدتها جمعت النبوة والإمامة فحسب.
39
تعني الألوهية إذن على هذا النحو الانتقال من العدم المطلق إلى الوجود المطلق، ومن الهزيمة الشاملة إلى الانتصار المحقق، ومن الضياع الكامل إلى الوجود الكلي، وفي كل مرة يتأكد الضياع يزداد التأليه. ومع الإحساس بالعجز عن استرداد الحق الضائع تشتد انفعالات التأليه كتعويض عن هذا الإحساس بالعجز، وكأن النصر لا بد وأن يحدث بهذه الصورة الانفعالية الفردية، وكأن غياب الواقع لا بد وأن يجد تعويضا له في متاهات الخيال. التأليه إذن غياب للموضوعية، وإغراق في الذاتية، ونقصان في العقل، وزيادة في الانفعالات، وانسياق وراء العاطفة، وكأن الطاقة الإنسانية لا بد وأن تتصرف على أي وجه حتى ولو كان غير طبيعي، وعلى هذا النحو ادعت كل الفرق من غلاة الشيعة ألوهية «علي».
40
وكما يحدث التأليه ابتداء من شخص تاريخي موجود بالفعل مستوف للشروط، ويتم رفعه حتى يصير إلها، يحدث أيضا بحلول الله في الشخص ونزوله إليه بدل أن يرتفع الشخص إليه ويصير في مقامه. يأخذ التأليه إذن إحدى طريقين: الأول تأليه الشخص ذاته وتصعيده من حيز الشخص إلى نطاق الإله، وهو نوع من الإجلال والتعظيم عن طريق التفخيم بالتصعيد، وهو ما حدث لعلي ولبنيه ولبعض الأئمة، وهو ما حدث أيضا للأوتزي وبوذا. والثاني حلول الله في الشخص ذاته، أي تنزيل الله من نطاق الألوهية إلى حيز الشخص، وهو أيضا نوع من الإجلال والتعظيم عن طريق نزول الله وحلوله فيه. وهو ما حدث أيضا لعلي وبنيه ولبعض الأئمة من بعده، وهو الطريق المفضل عند الصوفية أنصار الحلول، وفي المسيحية عند بعض الفرق القائلة بطبيعتين للمسيح.
41
نامعلوم صفحہ