332

عقیدت سے انقلاب تک (٢): توحید

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

اصناف

وهو تحديد للشيء بالنسبة إلى نفسه ثم تحديده بالنسبة إلى علاقاته بغيره. وهو نمط فكري بديهي للتعريف بالشيء أولا ثم بعلاقته بغيره ثانيا. بل إن مشكلة الذات والصفات لهي نتاج لهذا النمط العقلي. الذات هو الشيء في نفسه والصفات هو الذات في علاقاته مع غيره. وكذلك قسمة الشيء إلى جوهر وعرض، فالجوهر هو الشيء في ذاته والأعراض هي علاقات الشيء بغيره. وكذلك الواحد والكثير، فالواحد هو الشيء في ذاته، والكثير هو علاقاته بغيره. وهي أيضا علاقة الاستقلال والتبعية، فالشيء في ذاته هو الشيء المستقل والشيء لغيره هو الشيء التابع. وهو نمط فكري يساعد على التعبير عن عواطف التأليه التي تبقي القسمة بين طرف أول وهو الذات المشخص وأطراف ثانية تكون أقل رتبة منه وشرفا.

21

ويعتمد هذا النمط على طبيعة العقل ومبادئه الأولى مثل مبدأ الهوية والاختلاف. (2)

الهوية والاختلاف: يتحول النمط الأول إلى هذه الصورة الثانية. فبعد قسمة الشيء إلى الشيء في ذاته والشيء لغيره تأتي المقارنة بينهما. هل الشيء في ذاته هو هو أو هو غيره؟ هل الشيء في ذاته مساوي لذاته أم مخالف لغيره؟ لذلك حدث إشكال الصفات، هل الصفات هو الذات أم هي غير الذات؟ ثم حدث إشكال آخر في الكلام. هل القراءة هو الكلام أم غير الكلام؟ وهو ما يتفق مع الفكر الديني القائم على القياس التمثيلي، وقياس المثل بالمثل والبحث عن الهوية والاختلاف. وهذه أولى مراحل التفكير «البدائي» عندما يسأل الطفل عن أوجه الشبه والاختلاف بين الأشياء. وهي أيضا من بديهيات الفكر كما هو معروف في المنطق في مبدأ الهوية والتماثل وإرجاع مبدأ الاختلاف أو التناقض إلى المبدأ الأول حيث إنه نفي له. (3)

تصور شيء من شيء آخر: وهو تصور وفي نفس الوقت استدلال، وذلك لأنه عن طريقه يمكن إثبات الشيء باستنباطه من شيء آخر كاستنباط نتيجة من مقدمة. وتكون العلاقة بينهما علاقة توالد أو تبعية أو شرط. فمثلا بعد إثبات العلم تستنبط منه الحياة لأن الحياة شرط العلم. ثم تستنبط منه القدرة لأنه لا يحدث العلم إلا لقادر. ثم من الحياة يستنبط السمع والبصر وإلا كان الحي مصابا بآفة.

22

وهو نمط من الفكر الطولي الذي يولد الفكرة من فكرة أخرى كما هو معروف في الفكر الاستنباطي في المنطق والفلسفات العقلية بالرغم من رفض التسلسل إلى ما لا نهاية سواء من البداية أو من النهاية. (4)

إثبات الشيء عن طريق إبطال نقيضه:

23

ويمكن إثبات الشيء لا باستنباطه من شيء آخر بل بتحديد علاقاته مع غيره. والحقيقة أن إثبات الشيء عن طريق إثبات استحالة النقيض لا يعد إثباتا للشيء بل هو فقط إبطال للنقيض. فقد يبطل النقيض دون أن يثبت الشيء. فإبطال أن الشيء أبيض لا يعني بالضرورة أنه أسود. وإبطال أن الشيء ميت لا يعني بالضرورة أنه حي. قد يكون هناك طرف ثالث لا هو الشيء ولا هو النقيض، فكثيرا ما تجاوز الواقع هذه القسمة العقلية الصورية الحادة. وقد تكون هناك وسيلة للجمع بين الشيء ونقيضه من أحد الوجوه، وكثيرا ما يؤكد الواقع ذلك. وقد يكون الشيء الواحد مثبتا من وجه ومنفيا من وجه آخر على ما يشهد به الحس والمشاهدة. وقد تكون العلاقة بين الشيء ونقيضه علاقة جدل متبادلة، أي أن هناك حركة مستمرة من الشيء إلى نقيضه ومن النقيض إلى الشيء دون فصل بينهما. وفي النهاية أن إثبات الشيء عن طريق إبطال نقيضه إنما هو منهج جدلي خالص مهمته إفحام الخصم وليس إثبات الشيء، ويمكن للخصم استعماله أيضا في تفنيد نفس الشيء باعتباره نقيضا له. (5)

نامعلوم صفحہ