عقیدت سے انقلاب تک (٢): توحید
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
اصناف
وقد لاحظ الفقهاء أن كل هذه الصفات ألفاظ مشتركة يتراوح استعمالها بين العموم والخصوص، تطلق على الله وعلى الإنسان معا ولكنها تبدأ أولا بأن تطلق على الإنسان طبقا لمقتضيات الحس والمشاهدة ثم تطلق فيما بعد على الله تجوزا ومجازا.
7
والفلاسفة وحدهم هم الذين يرفضون كل اشتراك بين الله والإنسان في الصفات ويأخذون الموقف الثنائي الذي يضع العالم في قطبين متعارضين موجب أعلى وسالب أسفل، وبقدر ما يعطي الأول يسلب الثاني .
8
لقد أدرك القدماء المأساة وانتابتهم الحيرة، فجعل البعض الصفات في الله مصدر الصفات في الإنسان وهو حل وسط فتتحول الصفات من صفة ثابتة إلى صفة متحركة إلى فعل وعطاء، فلا تكون صفة مغلقة على نفسها تصف ذاتا ثابتة، بل هي قصد وفعل وحركة وتأثير وخلق في غيرها.
9
ولكنه يكون أقرب إلى الاحتمال الرابع، أي كون الصفات في الإنسان واقعا وفي غيره قياسا، خيالا أو وهما. فالصفات السبع، هي في حقيقة الأمر صفات إنسانية خالصة. فالإنسان هو العالم القادر والحي، والإنسان هو السميع والبصير والمتكلم والمريد. كل صفة تعبر عن طاقة إنسانية أو ملكة. يعبر العلم عن العقل النظري، والقدرة عن العقل العملي. والحياة عن الوجود الإنساني الحي، وكأن الحياة تظهر عقلين: العقل النظري والعقل العملي. أما السمع والبصر فهما مدخلان للعلم، فالعلم لا يكون إلا حسيا. والكلام تعبير عن العلم، ونطق به في العالم الخارجي. والإرادة تعبير عن القدرة وتحقق لها بالفعل. والاعتراف بالحق لا يعني هدم الحق. كما لا يعني الاعتراف بالواقع التهديد أو التخويف بنفي الصفات لله. يمكن إطلاق الصفات والأسماء مع معرفة كيفية هذا الإطلاق وبأي معنى ومتى يحدث، وهل هي أوصاف لذات موجودة بالفعل أم مجرد عمليات شعورية تحدث في وقت معين وظرف محدد.
10 (2) العمليات الشعورية
إن ما وصفه القدماء على أنه «الذات والصفات والأفعال» هو في حقيقة الأمر «الإنسان الكامل». فكل المادة التي وضعها القدماء تحت هذا الاسم لا تشير إلى موضوع فعلي، بل تعبر عن موقف إنساني خالص تجاه موضوع مثالي. فما ظنه القدماء على أنه وصف موضوعي لحقيقة واقعة في الخارج هو في الحقيقة وصف ذاتي لشعور المتكلم أسقطه في الخارج ثم قفز من الشعور إلى العالم الخارجي بلا أدنى مبرر عقلي إلا عجزه عن تحقيق هذا الموضوع المثالي بالفعل كمشروع له في العالم الخارجي كنظام مثالي للعالم. وفي أحسن الأحوال يتم هذا الإسقاط بتحيز مسبق يفترض تطابق عالم الشعور والعالم الخارجي. وهو ناتج عن نقص في الوعي بالمسافة بين المثال والواقع، بين الوعي بالذات والوعي بالعالم. وفي أسوأ الأحوال يتم بلا وعي على الإطلاق وبالإغراق في عالم الشعور الخالص بعد أن فرغ من كل الموضوعات وامتلأ بالعواطف والانفعالات. ويكون الشعور حينئذ في موقف نرجسي خالص لا يرى إلا ما بداخله خارجه. ما ظنه القدماء إذن على أنه وصف لله بالفعل هو في الحقيقة وصف للإنسان. ولما كان الله هو الكامل جاء وصفه وصفا للإنسان الكامل. ويحدث ذلك طبقا لعمليات شعورية محددة. وتعني العمليات الشعورية ما يحدث داخل شعور المتكلم من صياغات عقلية للتجارب الشعورية التي يمر بها. فما دامت العبارات الكلامية لا تصف شيئا موجودا في الواقع، بل تعبر عن تجارب شخصية، فإنه لفهم هذه العبارات يتم إرجاعها إلى مصدرها في الشعور. (2-1) العلم المقلوب
إن المتأمل في علم الكلام أولا وفي الوحي ثانيا، أي الكلام، ليرى بوضوح تام أن علم الكلام علم مقلوب، وفي هذا القلب تتحدد كل موضوعاته على نحو معين، وتصبح كل مشاكله مشاكل كاذبة. وتظهر الحاجة إلى إعادة وضع هذا العلم وضعا صحيحا حتى تحل مشاكله. فليست المسألة الإجابة على السؤال، بل وضع السؤال وضعا صحيحا. وقد تتبدد المشاكل كلها عندما يعاد وضعها وضعا صحيحا. وكثيرا ما تتحدد الإجابة كلها بطريقة وضع السؤال.
نامعلوم صفحہ