عقیدت سے انقلاب تک (٢): توحید
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
اصناف
86
والحقيقة أنها حاجة إقناعية إحراجية تلجأ إلى الحساسية الدينية ودفع التناقض والنفور إلى أبعد مداه وافتراض اللامعقول أن يكون الله جاهلا عاجزا ميتا حتى يقول الإنسان: سبحان الله، ما شاء الله، فهي حجة خطابية لا برهانية. وقد يكون إثبات القدم متضمنا في إثبات الكمال، القدم كمال والحدوث نقص. خلو الذات من الصفات القديمة ثم حدوثها أحد مظاهر النقص. وتتفاوت أهمية الصفات كتمرين لإثبات قدمها. فليس هناك صفة نموذج كما كان الحال في العلم في حكم النفي والإثبات أو في حكم الهوية والغيرية. فمرة يكون التمرين على العلم، ومرة على القدرة، ومرة على الكلام، ومرة على الإرادة. ولا يحدث تمرين على الحياة أو السمع أو البصر. يطبق القدم إذن على الصفات الأكثر اقترابا من التنزيه مثل العلم والقدرة دون الحياة والأبعد عن شبهة التشبيه مثل السمع والبصر. وقد تثبت هذه الصفات الأربع مرة واحدة أو ثلاث منها فقط أو اثنتان قبل أن يثبت كل منها على حدة، فيثبت مثلا قدم الكلام والإرادة والعلم. فالعلم صفة في الأزل واحدة ويحال إليها السمع والبصر. والإرادة بغير حدوث في محل وإلا تسلسلت إلى ما لا نهاية. وفعل «كن» ليس صوتا حادثا لاستحالة قيام الحادث بالذات. وكيف يحدث العالم من حادث كن؟ ولو كانت كن حادثة لكانت عاجزة من أن تخلق من عدم أو أن توجد كائنا موجودا من قبل. والكلام مرتبط بصفة الإرادة في حقيقة الأمر، وهو كلام النفس أو المعنى وليس الصوت أو الحرف. يأتي العلم في المرتبة الأولى لأن إثبات العلم أولى من إثبات القدرة، فقدم العالم يمنع من حدوثه بعد الخلق. العالم قبل الخلق كان معلوما، ومن ثم قدم العالم أولى. القول بقدم الصفات إذن قائم على تصور العلم على أنه ضروري، سابق في وجوده على الموضوع. العلم السابق على وجود الأشياء. العلم بالأشياء قبل وجودها ممكن. لذلك كانت المعرفة سابقة على الوجود. وقد يقال بقدم الصفات دون التأثر كثيرا بالربط الضروري بين العلم والمعلوم وبضرورة أسبقية المعلوم على العلم وتبعية العلم للمعلوم كما هو الحال في خلق الصفات، وذلك اعتمادا على شيئين: الأول أن المعلومات معلومات قبل وجودها، والثاني أن الأشياء أشياء قبل كونها، فالعلم مدفوعا إلى حد الإطلاق لا يرتبط بالمعلوم. وهذه هي المعرفة الاستنباطية، أي الجدل النازل من المبدأ إلى الواقع، من الفكر إلى العالم، من الذهن إلى الطبيعة، من العقل إلى الحس، والأشياء أشياء قبل كونها لأنها موجودة في العلم وإن لم تكن موجودة في الواقع. الوجود في الذهن نوع من الوجود كالوجود في العين. الوجود الضمني نوع من الوجود كالوجود الفعلي. وجود الممكن مثل وجود الواقع.
87
ولا يتم التركيز على القدرة والكلام قدر التركيز على العلم. فالقدرة متضمنة في الإرادة، والكلام سيظهر في موضوع «خلق القرآن».
88
والدليل على قدم الكلام والإرادة ناتج عن أنه مالك الملك، والملك من له الأمر والنهي. الأمر لا يحدث في ذاته، فلا بد أن يكون أمرا قديما كما يستحيل أن يحدثه في محل. ويمكن تفصيل الحجة على نحو منطقي برهاني استدلالي. فلو كانت الإرادة حادثة لما أمكن إحداثها إلا بإرادة أخرى، فيلزم التسلسل إلى ما لا نهاية. لو كانت حادثة لوجب أن تتعلق بمراد واحد، فذلك صفة الإرادة الحادثة ومرادات الله لا نهايات لها. وإذا كانت الإرادة الحادثة لا في محل فإن إيجابها لله ليس بأولى من إيجابها لغيرها. كما أن حدوث صفة حادثة في ذات الله محال؛ لأنه يوجب التغير.
89
وكما يقع التمييز في إثبات الصفات بين العلم والقدرة والكلام والإرادة من ناحية، وبين الحياة والسمع والبصر من ناحية أخرى، فإن تمييزا آخر يقع بين صفات المعاني وصفات الأفعال بالنسبة للقدم. فإذا كانت صفات المعاني مثل الصفات السبع قديمة، فإن صفات الأفعال نظرا لتأثيرها في العالم واتصالها بالحوادث قد تكون حادثة أو مخلوقة، وذلك مثل العزة والرحمة والأمر، وقد تكون قديمة طبقا لدرجة الصفة بين المعنى والفعل خاصة إذا كانت الحجج النقلية بها هذا الاشتباه بين القدم والحدوث.
90
ويكون السؤال: وأي من صفات الفعل تكون قديمة، وأيها تكون مخلوقة؟ ما هو مقياس الحكم؟ لماذا تكون العزة قديمة ويكون الأمر مخلوقا؟ وكيف يمكن ضبط درجة الصفة بين المعنى والعقل؟ وهل تكفي الحجة النقلية وحدها، وهي ظنية، في أن تكون دليلا على موضوع قطعي؟ وهل يمكن إحصاء صفات الأفعال مثل التخليق والترزيق والإنعام والإحسان والرحمة والمغفرة والهداية؟ وما الفرق بين صفات الأفعال والأسماء؟ الأسماء المشتقة من الصفات قديمة وهي أسماء الأفعال، مثل: الرازق والخالق والمعز والمذل، وهي على أربعة أنواع. ما يدل على ذاته وهو أزلي، ما يدل على الذات مع زيادة سلب كالقديم والباقي والواحد والغني، وهو أيضا أزلي، ما يدل على الوجود صفة زائدة من صفات المعنى كالحي والقادر والمتكلم والمريد والسميع والبصير والعالم، وما يرجع إلى هذه الصفات السبع كالآمر والناهي والخبير ونظائره، فهو أيضا أزلي، وما يدل على الوجود وإضافة إلى فعل كالجواد والرزاق والخالق والمعز والمذل وأمثاله، وهو مختلف عليها بين القدم والحدوث لأنها لا تكون قبل الخلق. والعجيب أنه لم يقل أحد مع قدم الصفات ببقاء الصفات. فقد يكون معنى قدم الصفات بقاءها في المستقبل وليس فقط قدمها في الماضي، وأن القدم يتضمن البقاء ضرورة.
نامعلوم صفحہ