عقیدت سے انقلاب تک (٢): توحید
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
اصناف
32
وقد بزغ الفكر العلمي من ثنايا الفكر الديني في دليل الحدوث، وذلك بإثبات استحالة حدوث الأعراض إذا كانت في حالة كمون وليست في حالة ظهور، وكذلك إمكان تعري الجواهر عن الأعراض واستحالة انتقالها إذا كانت في حالة كمون. ولماذا يستحيل اجتماع الضدين في مكان واحد؟ وعلى هذا النحو تكون مقدمة «كل جسم لا يخلو من الحوادث فهو حادث» غير واضحة بذاتها؛ لأنه يمكن أن يكون الجوهر قديما والأعراض حادثة، والجسم قديم وصفاته حادثة عن طريق الانبثاق والطفرة بعد الكمون. العالم قديم وصفاته حادثة افتراض ليس مستبعدا، إذ تكشف الجواهر عن تجدد مستمر للأعراض. ولا يعني الظهور أو الكمون الانتقالي وبالتالي الحدوث، بل يعني الوجود الخصب. وكذلك تكون مقدمة «الجواهر لا تنفك عن الأعراض» غير مستبعدة، لأن الأعراض قد تكون في حالة ظهور أو في حالة كمون. فإذا كانت في حالة كمون فإن المقدمة لا تكون صادقة. أما قضية «ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث» فهي مترتبة على القضية السابقة، وبالتالي قد يكون ما لا يخلو من الحوادث قديما نظرا لإمكانية قدم الجوهر وحدوث الأعراض، وهو موقف الحكماء.
33
والعجيب رفض الأشاعرة للكمون مع أنه أقرب إلى تصور العلم لظواهر الطبيعة وتجددها.
34
ولماذا يبطل الظهور والكمون لإثبات وجود الله؟ الظهور والكمون ظاهرتان طبيعيتان ظن المتكلم الأشعري أن في إثباتها إثبات لفعل الطبيعة من ذاتها، وأن في ذلك مناقضة للحدوث وكأن لا شيء يظهر أو يكمن بعيدا عن «الله» الذي خلق كل شيء.
إن تحليل الطبيعة بحيث تؤدي إلى الحدوث واستبعاد كل ما سواه هو في حقيقة الأمر فكر الانتقال يغير علمي موجه بأحكام مسبقة وخاضع للأهواء والانفعالات والعواطف الدينية، وقد سبب هذا عن حق رد فعل الدهريين والطبائعيين دفاعا عن الفكر العلمي. فموقف الدهرية أقرب إلى الموقف العلمي الذي يجمع بين القدم والحدوث، قدم الجواهر وحدوث الأعراض، واكتشاف قوانين الحركة، وتفسيرها بالعلل القريبة الداخلة في الموضوع وليس بالعلل البعيدة الخارجة عنه. الجواهر قديمة، والحوادث لا نهاية لها. قد تكون الجواهر عرية عن الأعراض ثم حدثت الأعراض فيها عن طريق الظهور والكمون، يظهر بعضها عند كمون ضدها في محله. ويتفق الطبائعيون مع الدهرية، ولكنهم يجمعون بين قول الحكماء وقول المتكلمين من أن «الله» خلق الأجسام ثم خلقت الأجسام الأعراض من تلقاء نفسها.
كما يبرز الصراع بين الفكر العلمي والفكر الديني في مفهوم العلية. فاعتبار أن المحدث الموجب لكل حادث لا بد أن يكون خارجا على الحادث تصور يجعل القوة المؤثرة أو العلة خارج العالم ويترك العالم بلا علة داخلة فيه. فينتهي الأمر إلى صورية العلة وبقائها، ومادية المعلول وفنائه. مفهوم العلية مفهوم طبيعية، ولكنه يستخدم في هذا الدليل استخداما ميتافيزيقيا. أن يكون لكل حادث سبب، هذا فكر طبيعي علمي لظاهرة علمية محددة، ولا يمكن الانتقال منها إلى العالم ككل. فالعالم ليس ظاهرة علمية، بل مفهوم ميتافيزيقي أو تجربة إنسانية لا يمكن أن تطبق عليها مفهوم العلية إلا إذا كان بمعنى السبب
Grund
المتيافيزيقي، وهو الوجود ذاته وليس خارجا عنه.
نامعلوم صفحہ