من العقیدہ إلی الثورہ (٤): النبوۃ – المعاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
اصناف
77
قد يكون ذلك دفاعا عن السلطة القائمة، ومنعا لإيجاد مضمون جديد للنص غير مضمون السلطة، ودافعا جديدا له غير واقعة السلطة؛ وبالتالي تم «قفل» النص وتثبيته وعدم تحريكه؛ حتى لا يقوم بتوجيه الواقع وتغيير النظام القائم. وقد يصل الأمر إلى حد تكفير المتأولين مثل باقي فرق المعارضة باعتبارها فرقا هالكة؛ فكل فرقة تكفر الفرق المخالفة. ولما كانت الفرقة التي تكفر المتأول في السلطة، والتي تقوم بالتأويل في المعارضة، كفرت السلطة المعارضة تحت ستار التأويل، وتحت شعار المحافظة على ظاهر النص.
78
وقد تعطي شرعية الإمساك عن التأويل بتأويل بعض النصوص، كما تعطي شرعية التأويل بتأويل نفس النص؛ فسواء كان الأمر نهيا عن التأويل أو أمرا بالتأويل ففي كلتا الحالتين يحتاج إلى تأويل.
79
والحقيقة أن التأويل ضرورة ولا يكفر من يقوم به. وحتى لا ينتج عن التأويل قول خاطئ يؤدي إلى فعل خاطئ، كانت هناك قواعد للتأويل وشروط للمفسر، مثل العلم باللغة العربية وبأسباب النزول والوعي بالمبادئ النظرية؛ التوحيد والعدل، والحاجات العملية لجماهير المسلمين.
80
وبالإضافة إلى هذه المبادئ اللغوية: العام والخاص، والمجمل والمبين، والمحكم والمتشابه، والظاهر والمؤول، هناك أيضا أدلة تتجاوز اللغة إلى المعنى مباشرة سماها الأصوليون في علم الأصول دليل الخطاب أو لحن الخطاب أو فحوى الخطاب. ويعني المفهوم أو دليل الخطاب الذهاب إلى المعنى الشامل الكلي داخل الألفاظ. ويسمى أيضا مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة؛ أي إدخال كل معنى يتفق مع اللفظ فيه، وإخراج كل معنى يخالف اللفظ منه. ويدخل في ذلك السياق؛ أي المعنى الكلي للجملة الذي قد لا تفيده الألفاظ المفردة. فإذا لم تفد الألفاظ في مفرداتها فإنها تفيد بسياقها، فلا يوجد خطاب إلا وله متعلق، وقد يكون متعلق الخطاب فيما بين السطور.
81
ولما كانت الدلالة ليست فقط لغوية بل أيضا فعلية، فإن تحليل الخطاب ليس هو الطريق الوحيد للدلالة، بل أيضا أفعال النبي؛ فدلالة فعل النبي مثل دلالة الخطاب، ورؤية الدلالة مثل فهمها، وإدراك الدلالة مثل تصورها. وما دام الرسول قدوة وفعل نموذج فإن دلالته تصبح عامة للناس جميعا؛ فأفعاله تنفيذ لأوامر وتمثل لها. وإنما يكون الخلاف في وجه الدلالة؛ هل هو الوجوب أو الندب أو الإباحة؟ ومن ثم كانت دلالة الأفعال لا تستقل بذاتها، بل هي دلالات مساعدة لدليل الخطاب حامل الدلالات الأولى. فالوحي خطاب قبل أن يكون فعلا، ورسالة قبل أن يكون رسولا.
نامعلوم صفحہ