من العقیدہ إلی الثورہ (٤): النبوۃ – المعاد
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
اصناف
10
وهي نظرة طوباوية توحد بين الخاصة والعامة، بين الحكيم والناس. وكم في البشر من إبراهيم؟ وكم من الناس يوحدون على الطبيعة اعتمادا على العقل واستئناسا بالفطرة؟ وإذا كان البراهمة يرفضون نبوة موسى وعيسى، فالتوحيد الطبيعي ليس في حاجة إلى خلاص ولا إلى تشريع، فإن المانوية تثبت نبوة عيسى لإشراقه في النفس، كمعلم داخلي، والذي لا يحتاج الإنسان معه إلى تشريع. والحقيقة أن كل محاولة لإثبات النبوات اللاحقة بعد النبوة السابقة هي في نفس الوقت دليل لإثبات تطور النبوة في آخر مراحلها حتى خاتم النبوة.
11
وقد تتوقف النبوة على شيث وإدريس وعلى كتابيهما، بالرغم من التظاهر بالاعتراف بنبوة عيسى، حتى يعتبروا كالنصارى في الحقوق الاجتماعية.
12
وقد تقتصر النبوة على زرادشت. ولما ضاع معظم أجزاء كتابه التي بها الشرائع، تحول الدين المجوسي إلى دين سري لا يباح منه بشيء، ودخلت فيه الأساطير التي تتحدث عن وحدة أول البشر وأول الرسل مثل آدم. فلما قتله الشيطان خرج من صلبه نطفة غاصت في الأرض ونبتت منها يباستان، فصارتا ذكرا وأنثى؛ أصل البشر جميعا. فإذا سهل فهم اختزال النبوات على بعض الأنبياء العظام، آدم وإبراهيم، فإنه يصعب قصرها على أنبياء للديانات التاريخية تعارض العقل والطبيعة، وتكون أكبر حجة على حاجة الإنسانية إلى نبوات حتى يرقى وعيها ويستقل عقلا وإرادة.
13 (2) جواز النسخ بين المراحل
وقد تحول موضوع النسخ بين المراحل في العقائد المتأخرة إلى أحد موضوعات الإيمان، من حيث الكم وإن لم يكن من حيث الكيف، من حيث العدد وإن لم يكن من حيث الدلالة، من حيث التراكم والتكرار وإن لم يكن من حيث المعنى والتطور. فيجب معرفة الرسل المذكورة في القرآن تفصيلا وغيرهم إجمالا. هناك إذن مجموعتان من الأنبياء والرسل، مجموعة لم يذكرها القرآن ومجموعة أخرى ذكرها، فعدد الأنبياء والرسل في الواقع أكثر بكثير مما ورد في القرآن، فلا توجد أمة إلا خلا فيها نذير، ولكن القرآن قص البعض ولم يقصص البعض الآخر.
14
ربما قص ما هو مخزون في الوعي العربي، وما يتناقله الناس، وما ترسب في أذهانهم، خاصة إذا كانوا موضع تبجيل واحترام مثل إبراهيم، وربما قص ما له دلالة أكثر من غيره حتى يتم التركيز على بعض النماذج المثالية، كما هو الحال في أصول الأحكام، ثم قياس الفروع عليها لاشتراك معها في العلة أو الدلالة، وربما قص البعض رغبة في الاختصار، فيستحيل ذكر عشرات الآلاف من الأنبياء والرسل، وإلا كان مجرد سجل تاريخي لا يستوعبه الناس، ولا يدركون دلالته، واستحال حفظه، وتحول الوحي إلى سجل للتاريخ وحوليات له.
نامعلوم صفحہ