من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
اصناف
أفتى القدماء بالتحريم لأنه بدعة لم تظهر إلا متأخرا، ولم يشتغل الجيل الأول بهذا العلم ولا عرفوه بل أفتوا بتحريمه بقدر ما ظهر منه لديهم.
13
وعدم انشغال الجيل الأول بمباحث علم الكلام لا يعني أنهم كانوا من العوام، بل يعني أن التوحيد كان في هذه الفترة من التاريخ توحيدا عمليا لا توحيدا نظريا، وعملية توحيد لا نظرية توحيد.
14
وعندما نشأ علم الكلام اعتبره قدماء الفقهاء مضادا للدين واعتبروا المتكلمين وقد خرجوا على الدين ومن ثم لا دين لهم، لا تجوز الصلاة خلفهم، ولا تجوز شهادتهم بل ويجب عقابهم بالضرب والجر في الطرقات!
15
لم يشتغل الجيل الأول إلا بالفقه وأصول الفقه؛ لأن الفقه هو العلم العملي الذي يظهر فيه التوحيد العملي والذي يرعى مصالح الناس؛ فقد كانت الحاجة إلى التشريع أمس من الحاجة إلى النظريات إلا إذا كانت أسس التشريع؛ فالحاجة إلى «تفقيه» الأرض والثروات والنظم الاجتماعية والسياسية ألح من الحاجة إلى البحث عن الأصل والنشأة أو المآل والمعاد، إلا إذا كان في مثل هذا البحث تعميق وجداني للتشريع، ويرتبط بالفقه علوم القرآن والحديث لأنهما مصدرا الفقه وأدلة الأحكام.
16
لم يكن المتكلمون في أول الأمر متكلمين، بل كانوا علماء لغة أو حديث أو زهادا ثم غلبت عليهم صناعة الكلام؛ علم الكلام إذن علم طارئ سببته الظروف والأحداث، وليس له أصل في الوحي.
17
نامعلوم صفحہ