من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

حسن حنفی d. 1443 AH
137

من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

اصناف

57 (4) موضوع النظر

لما كان كل نظر هو نظر في شيء، فما هو موضوع النظر؟ يتراوح موضوع النظر عند القدماء بين «ذات الله وصفاته» وبين المخلوقات من أجل الاستدلال على وجوده وبين شئون الدنيا؛ أي أحوال الناس الاجتماعية ومعاشهم. موضوع النظر إذن إما «الله» أو العالم أو الإنسان.

58

وقد ظهرت هذه الموضوعات الثلاثة في بداية تكوين نظرية العلم، وكانت مرتبطة معا باعتبارها ما يجب على المكلف الإيمان به. ولكن بعد تكوين نظرية العلم تمايزت هذه الموضوعات الثلاثة، وأصبحت موضوع النظر بعد أن كانت موضوعا للإيمان. فعندما يتطور الإيمان ويصبح علما يكون العلم هو الوريث الوحيد للإيمان.

59 (أ)

هل يمكن اعتبار «الله» موضوعا للنظر؟ «الله» موضوع متعال لا يمكن أن يكون موضوعا للنظر من حيث هو كائن مشخص له ذات وصفات وأفعال.

60

ولكن يمكن النظر فيه من حيث هو مبدأ معرفي خالي قبل أن يكون تحققا في الواقع؛ أي باعتباره فكرة محددة كما هو معروف في المنطق، أو نموذجا كما هو معروف في العلوم الصورية، أو مثالا كما هو معروف في العلوم الأخلاقية. قد يعني أيضا البحث المستمر عن الخالص وهو ما سماه القدماء التنزيه الذي تعنيه آية

ليس كمثله شيء ، أو

سبحان الله عما يصفون . كما أنه يشير إلى مضامين إنسانية مثل وحدة الذات بين القول والعمل، والفكر والوجدان. ووحدة المجتمع بلا طبقات، ووحدة الإنسانية بلا تفرقة عنصرية أو معسكرات أو مجموعات دول كبرى وصغرى، غنية وفقيرة. يبدو أن القدماء قد شخصوا موضوع العلم، وبالتالي لم يتأسس علم التوحيد على أنه علم صوري خالص أو على أنه أيديولوجية اجتماعية وسياسية. وظهر ذلك إما في العلوم الرياضية عند الرياضيين والحكماء أو في العلوم الشرعية عند الفقهاء.

نامعلوم صفحہ