من العقيدة إلى الثورة
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
اصناف
وفي بعض الحركات الإصلاحية الحديثة قد تبتلع وظيفة الوصي السياسية مسألة الإمامة، وتختفي الإمامة أمام النبوة كتحقق للوصي في التاريخ.
18
والإمامة هي المشكلة الغالبة عند «الرافضة» و«الخوارج»، وهما الفرقتان اللتان خرجتا من واقعة واحدة، وهي الخلاف على الإمام. عبدته الأولى، وكفرته الثانية. طرفا نقيض خرجا من واقعة واحدة،
19
لكل منها تصور مختلف. الأولى تخصصها في قريش، والثانية تعممها خارج قريش. الأولى تجعلها بالنص والتعيين، بينما الثانية تجعلها بالاختيار والبيعة. الأولى تقول بالتقية، والثانية تقول بالقيادة الظاهرة. الأولى تقول بالطاعة، والثانية تشرع للمراجعة عليه. الأولى تطالب بإسقاط الشرائع، والثانية تعمل على تطبيق الشرائع. ولما كانت الفرقتان مختلفتين في التوحيد والعدل، إذ تقول الأولى بالتأليه، والثانية بالتنزيه؛ فإنه يبرز سؤال: هل هناك صلة بين الموقف في التوحيد والموقف في الإمامة؟ هل يؤدي التأليه أو التجسيم إلى القول بالإمامة بالنص والتعيين وبألوهية الأئمة وبالخلود وبالرجعة وبالعصمة وبالتقية، كما يؤدي القول بالتنزيه إلى البيعة والاختيار؟ إن أكثر الفرق التزاما بالعالم كالخوارج أقلها إيغالا في التوحيد تنزيها، فلا تجد عندهم أقوال في الله في ذاته وصفاته بقدر ما نجد في الإيمان والعمل والحرب والسلم والفقه والتشريع والسياسة؛ فالتوحيد عملي صرف، في حين أن الرافضة أكثر إيغالا في التوحيد تأليها وتجسيما وتشبيها، كما أن لديهم أقوالا في الإيمان والعمل والإمامة والسياسة وموضوعات الفقه والتشريع؛ فالتوحيد نظري وعملي. (2) اسمها وتعريفها وأقسامها
يختلف اسمها بين الإمامة أو الخلافة أو الزعامة. وهي في الحقيقة أسماء واحدة تضع مسألة السلطة أو الزعامة في الأمة دون المؤسسات أو الجمهور، وهي بهذا المعنى أدخل في النظم الإسلامية والشريعة الإسلامية في الأحكام السلطانية في علم الفقه.
20
الإمامة إذن هي قضية السلطة في المجتمع الديني والمدني وتسيير أمور الدين والدنيا. وفي هذه الحالة لا يكون هناك فرق بين النبوة والإمامة؛ فالنبوة إمامة، والإمامة نبوة، وكأن النبي يقوم بوظيفة الإمام، كما أن الإمام يقوم بوظيفة النبوة باستثناء الوحي وإيصاله من الله إلى الناس. وقد ظهر ذلك في علوم الحكمة أكثر من ظهوره في علم أصول الدين، ولكن من حيث الجانب المعرفي دون الجانب العملي التشريعي.
21
أما تعريفها بأنها خلافة الرسول في إقامة الدين اتباعا؛ ومن ثم يخرج من التعريف العامل والمجتهد والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، أي ثواب الإمام والعلماء ووسائل الرقابة الشعبية، فإنها تشير إلى الوضع نفسه، وهو أن الإمامة تركيز للمشكلة السياسية على قضية الحكم أو السلطة دون المؤسسات التنفيذية (العمال)، أو القضائية (القضاة والمجتهدون)، أو الشعبية (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر).
نامعلوم صفحہ