تكروس :
ألا تستطيع أن تبين لنا العلة التي تتكلفها لهذا الحظر؟
منيلاووس :
هي أننا قدرنا حين دعوناه لمعونتنا أنه أقبل معنا حليفا صديقا، فلما بلوناه وجدناه عدوا أشد عداوة لنا من الفريجيين، فقد هم بتقتيل الجيش كله وهجم علينا في الليل ليقتلنا برمحه، ولولا أن إلها أطفأ جذوة غضبه، لقد كان أنفذ فينا إرادته وقضى علينا الموت الذي دفع إليه هو واضطرنا إلى أشنع الخزي، ثم استمتع هو بالحياة.
ولكن الآلهة منذ حين قد حولت عنا غضبه وصبته على الشاة وعلى قطعان الماشية، ومن أجل هذا لن يستطيع أحد أن يواري جثته في قبره، سيظل ملقى على هذا الرمل الأصفر، رمل الشاطئ، حتى يصير نهبا لسباع الطير. (تكروس يظهر الغيظ)
لا تظهر هذا الغيظ ولا تخالف عن هذا الأمر، فإذا كنا لم نستطع أن نحمل أياس على الطاعة أثناء حياته فسنستطيع أن نحتكم فيه بعد موته، ولو قمت دونه معارضا ممانعا فليس ردك عن ذلك بالشيء العسير، لم يرد قط في حياته أن يسمع لي، وإن الرجل من أبناء الشعب لخائن إذا لم يستمع للرؤساء والقادة، ولن يكون للقوانين ما ينبغي من السلطان في أي مدينة إذا لم يحمها الخوف، ولن يسود النظام في جيش ما إذا لم تحمه الهيبة والاحترام.
يجب أن يقدر الفرد مهما يكن قويا أنه معرض للموت حتى لأهون الخطأ، تعلم أن من أحسن في نفسه الخوف والاحترام كان خليقا أن يسلم، وأن المدينة التي لا تحظر فيها الجرأة والإقدام على كل شيء خليقة أن تتردى في الهاوية بعد أن سارت سفينتها آمنة موفورة، وقد جرت لها الريح مواتية رخاء.
ولست أرى بدا من أن يسيطر على الناس خوف يردهم عن الشر ويضطرهم إلى الطاعة فلا نخيل إلى أنفسنا أننا إذا أرسلناها في سجيتها، وابتغيناها لذاتنا حيث نكون أمنا حسرة الندم، هذه أشياء يتبع بعضها بعضا، لقد كان أياس فيما مضى عنيفا عنيدا، فقد آن لي اليوم أن أكون قويا متحكما، وإني أعلن إليك أني أحظر عليك دفنه إلا إذا أردت أن تدفن معه.
رئيس الجوقة :
أي منيلاووس، لقد قلت الحق ونطقت بالحكمة، فلا تكن بعد ذلك آثما في ذات الموتى.
نامعلوم صفحہ