111

Milad Mujtama

ميلاد مجتمع

ناشر

دار الفكر-الجزائر / دار الفكر دمشق

ایڈیشن نمبر

الثالثة

اشاعت کا سال

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦م

پبلشر کا مقام

سورية

اصناف

حليفًا للاستعمار. ويجب أن نضيف أن الفرق ليس كبيرًا عندما يصبح الفرد حليفًا للقابلية للاستعمار. والملاحظة الثانية ترينا أن المسلم يعثر على استقلاله الأخلاقي في جو المسجد، إذ يكون اجتماع أشخاص، يخلق تأثير الوعظ لديهم الظروف الأولية التي ظهرت فيها الفكرة الإسلامية على عهد المسلمين الأولين. وقد كانت الطاقة الحيوية لدى صحابة النبي ﵊ في تلك الظروف لا منظمة فحسب، وإنما موجهة لأداء نشاط مشترك، نعرف تاريخه. فإذا ما شعر المسلم في عصرنا هذا، في جو المسجد، بسيطرة الفكرة الإسلامية على غرائزه، وإذا ما وجد نفسه يضل عن هذا الشعور بمجرد خروجه إلى الشارع، فمعنى ذلك أنه لا يجد في الحياة الإطار الضروري الذي ينقذ استقلاله الأخلاقي، حين يوجه طاقته وجهة أغراض حسية ليست مناقضة لمثله الأعلى فحسب، من الناحية النظرية، ولكنها تذكره دائمًا بأنه مدفوع مع غيره من المسلمين في نشاط مشترك يجب أن يحقق عمليًا هذا المثل الأعلى المشترك. ومن الممكن أن نقيس، بالنظر إلى الماضي، أهمية هذه الملاحظة حين نسأل أنفسنا عما كان يمكن أن يحدث من المسلمين الأولين لو أنهم بدلًا من أن يدعوا إلى تحقيق مثلهم الأعلى بالطرق العملية، اكتفوا بصلاة داخل مسجد من أجل تحقيقه؟ .. من المؤكد في هذه الحالة أنهم ما كانوا ليغيروا من الوسط الجاهلي باحتفاظهم باستقلالهم الأخلاقي في جميع الظروف، وإنما هو الوسط الجاهلي الذي ربما كان قد حولهم إلى مشركين. فالنشاط المشترك هو الذي أنقذهم، وهو الذي أنقذ الوسط الجاهلي في الوقت ذاته. إن المشكلة التي تواجه المسلم اليوم هي تقريبًا المشكلة نفسها التي عبر عنها الرسول ﷺ في قوله:

1 / 111