هذا طريق معرفة المصنف بمقايسته مع أشكاله وأضداده وبملاحظة بعض ما بقي من تأليفاته وآثاره ومعونة ما علم منه من نزعته واستقامته عليها بلا تزحزح وتردد.
وقد قلنا: إن معرفة الأشخاص من هذا الطريق من أسد أنحاء المعرفة وأتقنها.
وأما معرفته من طريق كتب النسب والتراجم فلا تخلو من إجمال وغموض، وذلك من أجل انقراض المعتزلة وأكثر آثارها من صفحة الوجود وعدم وجود كتاب كامل منهم في فن النسب والرجال يشرح حال سلفها ويفصل ترجمة رجالها وأكابرها.
وأما ما دونه الأشعريون في فن التراجم والنسب فغير مقنع ولا واف لمعرفة المصنف وأمثاله، وذلك لتحقق التنافر الشديد والعداوة الأكيدة بين المعتزلة والأشعرية، ومن الواضحات أنه قلما يوجد عدو يشرح حال عدوه على ما هو عليه ويذكر محاسنه ومكارمه، على ما ينبغي إذ شأن العداوة والمعتاد من المتعاديين كراهتهم ذكر عدوهم وأحيانا لو جرى بمناسبة ما ذكره على لسانهم يذكرونه بما يشوه منظره ويحط من شخصيته، وبشتى الأكاذيب والخزعبلات يدنسون ساحته، فلا ينتظر من المعتاد من الناس الصدق وحسن القول في عدوهم، غاية ما يتوقع من العدو إذا كان رزينا ومقدرا للصدق ومبغضا للكذب أن لا يفتري على عدوه شيئا ولا ينسب إليه سوءا بالبهتان، وأما نشر محاسنه وبث محامده وكريم سجاياه فلا، إلا أن يكون اشتمال عدوه على المكارم وتحليه بالعظمة والجلال أمرا واضحا لا يشوبه ريب ولا يختلجه شك وشبهة بحيث إذا أنكره أحد أو تردد فيه شخص يعد تردده مكابرة ويؤول إنكاره إلى ضعفه ونقص ما يهدفه ويتطلبه كما هو الشأن في مناقب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) المروية من طريق شيعة آل أبي سفيان.!!!
وكيفما كان؛ فيما أن ذكر ما قالوه في ترجمة المؤلف غير خال عن فوائد فنحن نذكر هاهنا ما ظفرنا عليه مما ذكروه في ترجمته فنقول:
صفحہ 8