(وأشهد ألا إله إلا الله شهادة إخلاص وصدق) أي إخلاص عن النفاق وعن إضمار خلاف ما وقع النطق به مطابق فيها القلب واللسان والسر والإعلان وصدق في العقيدة أو في تسميتها شهادة؛ لأنها الخبر عن يقين وتحقيق. (وأن محمدا رسوله بالهدى ودين الحق) أي بالكتاب الذي يقع به الإهتداء فبولغ فيه بتسميته هدى والدين الذي هو الحق لا الباطل أرسله كافة للناس أن جعل كافة مفعولا مطلقا فالمعنى أرسله إرسالة كافة للناس، أي عامة لهم محيطة بهم، فكأنها كفتهم أن يخرج عنها أحد منهم. وقيل معناه: مانعة لهم عن الكفر، وأن جعل حالا من المفعول كان المعنى أرسله جامعا للناس في الإبلاغ والإنذار، والتاء للمبالغة كتاء علامة وقيل: معناه على هذا مانعا للناس عن الكفر، وفيه وجه ثالث، وهو أنه حال من الناس، أي للناس جميعا وهو مبني على جواز تقدم حال المجرور عليه كما يذهب إليه بعض النحاة. (بشيرا للمطيعين بالثواب، ونذيرا للعاصين بالعقاب، وداعيا إلى الله إلى طاعته بإذنه) أي بأمره وسراجا منيرا، أي كالسراج المنير لما كان مجليا لظلمات الشرك، فبلغ الرسالة هاديا للضلال وشهيدا شهد على الأمة لمن قبل بالقبول ومن رد بالرد، ثم مضى إلى دار الكرامة، كناية عن وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد بدار الكرامة الجنة أو الدار الآخرة التي تظهر فيها الكرامة بالمقام المحمود وغيره. (حميدا) أي محمودا. (فصلوات الله) أي رحمته؛ لأن الصلاة من الله بمعنى الرحمة، ومنا بمعنى الدعاء، ورضوانه هو بضم الراء وكسرها بمعنى الرضا على وجه، أراد بالوجه هنا ذاته أو أراد به الوجه المعروف؛ لأنه الذي يواجه بالرضا وغيره، وهو عمدة الإنسان وواسطة عقد أعضائه وما توجه إليه فقد توجه إلى الجملة كلها. (وهذا أولي الكريم) أي الشريف. (كلما طلع نجم) أي كوكب. (أو هب نسيم) ما كان من الرياح رقيقا لطيفا سهلا مستطابا. (وعلى آله) أي أهله والمراد أهل بيته وأقاربه وهذا هو السائق إلى الأفهام، وقد يراد به الأتباع الكرام جمع كريم وهو الشريف البررة جمع بار وهو فاعل البر خلاف العقوق المطهرين عن الأرجاس والرذائل، (وعلى الصحابة) اسم جمع للصحابي وهو من صحبه صلى الله عليه وآله وسلم، واختلف في ما هية الصحبة، فقيل مجرد الرؤية كاف، وذهب أصحابنا أن الصحابي من طالت مجالسته له صلى الله عليه وآله وسلم متبعا له. (والتابعين لهم) أي للصحابة في اتباع الرسول وأمتثال ما جاء به، وهذا معنى تقييد لفظه التابعين بإحسان؛ لأن المعنى اتبعوهم في إحسانهم وسلكوا مناهجهم. وقيل: هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار ويترحمون عليهم وينشرون محاسنهم. وقوله: (إلى يوم الدين) أراد به إفادة دخول جميع من عد الصحابة من الأمة؛ لأن لفظه التابعين في العرف مقصورة على من التجويز من الصحابة، ورأى من رأى منهم، والمراد بالدين هنا الجزاء ومثله قوله: {ملك يوم الدين}.
صفحہ 8