40

Methods of Discovering the Intentions of the Legislator

طرق الكشف عن مقاصد الشارع

ناشر

دار النفائس للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م

پبلشر کا مقام

الأردن

اصناف

ﷺ: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فَلْيَرْجِعْ"، فَقَال: والله لتُقِيمَنَّ عليه بَيَّنَة. أَمِنْكُم أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ النبي ﷺ؟ فَقَالَ أُبيّ بْن كَعْبٍ: والله لَا يَقُومُ مَعَكَ إلّا أَصْغَر القَوْم، فَكُنْتُ أَصْغَر القَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ عُمَر أَنّ النّبي ﷺ قَالَ ذَلِكَ". (١)
وعلى عكس الحادثة السابقة نجد عمر ﵁ لم يتردد في الأخذ بحديث عبد الرحمن ابن عوف ﵁ في أخذ الجزية من المجوس، لعدم وجود أصل في ذلك، ولأن شكه في وجود معارض لهذا الحديث كان ضعيفًا، (٢) إذ قد جرى عرف الشارع بأخذ الجزية من أهل الأديان الأخرى إذا رضوا بالدخول تحت حكم الإِسلام، ومثل هذا موافق لمقصد الشارع في عدم إكراه الآخرين على اعتناق الإِسلام، والإكتفاء منهم بالتسليم له، والإنضواء تحت سلطانه، أو على الأقل مسالمته وعدم الوقوف في وجهه. ففي صحيح البخاري أن عمر ﵁ لم يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: "أَنّ رَسُولَ الله ﷺ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَر (٣) ". (٤) وقد أخذ عمر ﵁ بالحديث مباشرة دون تردُّد، ودون مطالبة بالبيِّنة، كما كان الأمر في الحادثة السابقة.
ثانيًا - الإستعانة بالمقاصد في فهم بعض الأحكام الشرعية:
فإن بعض الأحكام الشرعية قد تبدو غامضة، ويقف الفقيه أمامها حائرًا، عاجزًا عن إدراك كنهها، مع تسليمه بصحتها ووجوب العمل بها.
ومثال ذلك ما جرت به السنّة من عدم استلام الركنين اللذين يليان حجر إسماعيل، والإكتفاء بتقبيل الحجر الأسود، واستلام الركن اليماني. فخصوصية الحجر الأسود واضحة، أما التفريق بين الركن اليماني والركنين الآخرين ففيه غموض. وقد

(١) البخاري، محمد بن إسماعيل: الجامع الصحيح، (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٢ هـ/ ١٩٩٢ م)، كتاب الإستئذان، باب (١٣)، الحديث (٦٢٤٥) مج ٤، ج ٧، ص ١٦٩.
(٢) انظر في توجيه موقف عمر هذا: محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص ١٢٢.
(٣) هجر: "مدينة، وهي قاعدة البحرين ... وقيل ناحية البحرين كلّها هجر". الحموي، ياقوت بن عبد الله: معجم البلدان، (بيروت: دار صادر/ دار بيروت للطباعة والنشر، ١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م)، ج ٥، ص ٣٩٣، وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ، (بيروت: دار صادر، ١٣٩٩ هـ / ١٩٧٩ م)، ج ٢، ص ٢٣٠.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب (١)، الحديث (٣١٥٦) و(٣١٥٧)، مج ٢، ج ٤، ص ٣٩٥.

1 / 43