Methodological Advice for the Student of Sunnah
نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية
ناشر
دار عالم الفوائد
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤١٨ هـ
پبلشر کا مقام
مكة المكرمة
اصناف
ومن فضل صاحب التخصص إذا وفقه الله تعالى، أنه من أكثر الناس لقالة (لا أدري)، إذا سئل عن غير تخصصه. ولهذه القالة بركة لا يعرفها إلا قليل، فهي باب التواضع الكبير، وباب للعلم أكبر. وأما صاحب الفنون، فهو عن (لا أدري) أبعد؛ لأنه يضرب في كل علم بسهم، وبكثير جوابه على أسئلة العامة وأنصاف المتعلمين، التي هي - في الغالب - سؤالات عن الواضحات وعن ظواهر العلوم؛ فينسى مع طول المدة (لا أدري)، ولا يعتاد لسانه عليها، ولا تنقهر نفسه لها؛ لذلك فهو عن بركاتها ليس بقريب!!
ثم إن للعلم دقائق لا يعرف المتفننون عنها شيئًا، أما المتخصصون فقد خبروها، وقادتهم إلى دقائق الدقائق. فهم فقهاء العلوم حقًا، وأطباء الفنون صدقًا.
يقول الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني تلميذ الشافعي (ت ٢٦٠هـ): (سمعت الشافعي يقول: من تعلم علمًا فليدقق، لكيلا يضيع دقيق العلم) (١) .
كذا نصائح الأئمة، نور على نور!!
وأما الشافعي فقد كان آمنًا من ضياع جليل العلم وعظمه، خائفًا من ضياع دقيقة. أما نحن الآن فنقول: (من تعلم علمًا فليدقق، لكيلا يضيع جليل العلم)؛ فدققوا يا بني إخوتي ما شئتم من التدقيق، فنحن مع تدقيقكم هذا لعلى جليل العلم وجلون!!!
وهنا أنبه على أن مطالبتنا بالتخصص لا يعني أن نطالب بذلك على حساب فروض الأعيان من العلوم، كتصحيح العقيدة وعلم التوحيد الجملي، وما يحتاج إليه من فقه العبادات، وما شابهها من الفروض العينية من العلوم؛ فهذا ما لا يجوز على مسلم جهله، فضلًا عن طالب العلم؛ بل نحن نطالب طالب العلم بما فوق ذلك، وهو أن لا يكون جاهلًا بنفع كل علم نافع (ولا أقول أن يكون عالمًا بكل علم نافع، فهذا ضد ما أحث عليه)؛ لأن الجهل بنفع علم ذي علم فائدة دنيوية أو أخروية يدعو إلى معاداة ذلك العلم، على قاعدة: من جهل شيئًا عاداه؛ ويقبح بطالب العلم أن يعادي علمًا نافعًا، مهما قل نفعه في رأيه، فإنه لا ينقص على أن يكون فرضًا كفائيًا.
_________
(١) الأنساب المتفقة لابن طاهر المقدسي (٣) .
1 / 21