وقد جاء في رواية أخرى تصريحها أيضًا بعدم تكذيب عمر وابنه عبد الله ﵄ ففي رواية: "إنكم لتحدثوني من غير كاذبين ولا مكذِّبين؛ ولكن السمع يخطئ"١، وفي رواية: "رحم الله عمر، ما كذب؛ ولكنه أخطأ، أو نسي"٢.
وقد ذكر القرطبي أن عمر وابنه ﵄ لم ينفردا برواية الحديث؛ وإنما رُوي عن عدة من الصحابة، فلا وجه لإنكار هذا الحديث، والأَوْلَى حمله على محمل صحيح.
قال القرطبي: "إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان أو على أنه سمع بعضًا ولم يسمع بعضًا -بعيد؛ لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون، وهم جازمون؛ فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل الصحيح، ومن هؤلاء: عمر، وابن عمر، والمغيرة بن شعبة، وقيلة بنت مخرمة"٣.
وقد ذكر العلماء عدة أوجه محتملة في الجمع بين هذا الأحاديث التي رواها سيدنا عمر وغيره، والتي روتها السيدة عائشة ﵂.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: وقد جمع كثير من أهل العلم بين حديثي عمر وعائشة بضروب الجمع:
- منها: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه إذا أوصى أهله بذلك، وممن قال ذلك: المزي وإبراهيم الحربي وآخرون من الشافعية.
وقال أبو الليث السمرقندي: إنه قول عامة أهل العلم، ونقله النووي عن الجمهور، قالوا: وكان معروفًا للقدماء حتى قال طرفة بن العبد:
إذا مِتُّ فانعيني بما أنا أهله ... وشُقِّي عليَّ الجيب يابنة مِعبَدِ