Memoirs of a Witness to the Century
مذكرات شاهد للقرن
تحقیق کنندہ
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
ناشر
دار الفكر
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
پبلشر کا مقام
دمشق - سورية
اصناف
وكانت طاولاته مستديرة الشكل ذات سطح رخامي وحولها الكراسي والمقاعد ذات السندات الخلفية.
كان ذلك يعطي المقهى جوًا خاصًا. والشارع الذي يقع فيه يسيطر عليه جو من الهدوء، كذلك الهدوء الذي يلقاه الباريسي في بعض زوايا مدينته على أرصفة مقهى صغير ذي طابع قروي، أو في مكان لا يزال يحتفظ بتقاليد قديمة.
لقد بدأ المدرسيون يهجرون مقهى بوعربيط ليذهبوا إلى آخر يفترشون فيه الحصير، وبدأت آثار تلك الهجرة تظهر في ذلك المقهى فيسوده شىء من البؤس شبيه بذلك المسيطر في بيت خالتي بهية.
وهناك هجرة أخرى بدأت تصيب محيط المدرسة. فأحد الطلاب اكتشف ذات يوم حانوتًا خشبيًا قذرًا، يمكن ارتياده في ساعة متأخرة من الليل بعد الخروج من حانة يملكها أحد اليهود، وهو يتجشأ النبيذ أو اليانسون، فيأكل فيه قطعة من الخبز مغموسة في قدح من الحمص المقلي، أو شيئًا من الفلفل الحار مغليًا بالزيت، أو قليلًا من البطاطا المقلية وبعض أمعاء مسلوقة بالماء.
صاحب ذلك المطعم يدعى (بوكاميه)، والطالب الذي كان أول زبائنه حمل آخر إليه وذلك قاد ثالثًا. وبسرعة كبيرة أصبح جميع الطلبة يقفون أمام محله صفًا طويلًا بانتظار دورهم عندى الظهر. فمنذ الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والأربعين لم يعد أحد من الطلبة يستمع لما يقال في الصف. فكل واحد منهم يستعد ليكون في أول النسق وصعولًا إلى حانوت (بوكاميه) الذي يحوي ستة أو سبعة كراسي للجلوس.
كنت أشعر بشيء من الأسى حين أمر أمام المقهى القديم، فأرى (بوعربيط) واقفًا عند مدخله، فلم يكن لديه ما يفعله في الداخل. وأحيانًا كانت تتقزز نفسي عند دخولي لمطعم (بوكاميه).
1 / 72