393

موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق

موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق

اصناف

كما حدث في غزوة أحد فعندما وقف أبو سفيان في نهاية المعركة، وقال: أفي القوم محمد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجيبوه"، فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجيبوه"، فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجيبوه" ثم التفت إلى أصحابه فقال: إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر - رضي الله عنه - نفسه فقال. كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك، قال أبو سفيان، اعل هبل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أجيبوه"، فقالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجل"، قال أبو سفيان: لنا العزى، ولا عزى لكم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أجيبوه"، قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم"، قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، # وتجدون مثله لم آمر بها ولم تسؤني، فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله ياعمر، أقتلنا محمدا؟

قال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن، قال: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر؛ لقول ابن قمئة لهم: إني قد قتلت محمدا.

كان في سؤال أبي سفيان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر دلالة واضحة على اهتمام المشركين بهؤلاء دون غيرهم، لأن في علمهم أنهم أهل الإسلام، وبهم قام صرحه، وأركان دولته، وفي موتهم يعتقد المشركون أنه لا يقوم الإسلام بعدهم، وكان السكوت عن إجابة أبي سفيان أولا تصغيرا له، حتى إذا انتشى وملأه الكبر أخبروه بحقيقة الأمر وردوا عليه بشجاعة (¬1).

شجاعة المعتصم

كان المعتصم بالله شجاعا، كتب إليه ملك الروم يهدده، فأمر أن يقرأوا له رسالته، فلما قرئت أمر برميها، وقال للكاتب: اكتب: أما بعد فقد قرأت كتابك، وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، {وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار} [الرعد: 42] (¬2).

لطمة على وجه اليهودي

دخل أبو بكر - رضي الله عنه - المدراس (مكان يتلو فيه اليهود التوراة) فوجد فيها ناسا قد اجتمعوا إلى رجل منهم، يقال له فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر من أحبارهم، يقال له: أشيع، فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك! اتق الله وأسلم فوالله إنك تعلم أن محمدا لرسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص لأبي بكر: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء وما هو عنا بغني، ولو كان عنا غنيا ما استقرضنا أموالنا، كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطيناه، ولو كان غنيا ما أعطانا الربا، فغضب أبو بكر، فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا ، وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت رأسك أي عدو الله.

صفحہ 11