موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق
موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق
اصناف
قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين، أهل الله وجيران رسوله، تقسم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم.
فقال: نعم، اكتب لأهل مكة والمدينة بعطاياهم وأرزاقهم لسنة، ثم قال : هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟
فقال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الحجاز وأهل نجد أصل العرب، وقادة الإسلام، ترد فيهم فضول صدقاتهم.
فقال: شم، يا غلام اكتب بأن ترد فيهم فضول صدقاتهم، هل من حاجة غير ذلك يا أبا محمد؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الثغور (المرابطون) يقفون في وجوه عدوكم، ويقتلون من قصدهم بشر، تجري عليهم أرزاقهم تدرها عليهم، فإنهم إن هلكوا ضاعت الثغور.
فقال: نعم، يا غلام اكتب بحمل أرزاقهم إليهم، هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل ذمتكم لا يكلفون ما لا يطيقون فإن ما تجبونه منهم معونة لكم على عدوكم.
فقال: يا غلام اكتب لأهل الذمة بألا يكلفوا ما لا يطيقون، هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم، اتق الله في نفسك يا أمير المؤمنين، واعلم أنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، ولا والله ما معك ممن ترى أحد، فأكب هشام ينكت في الأرض وهو يبكي، فقام عطاء، فقمت معه، فلما صرنا عند الباب، إذا رجل قد تبعه بكيس لا أدري ما فيه وقال له: إن أمير المؤمنين بعث لك بها، فقال: هيهات {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} [الشعراء: 109] فوالله إنه دخل على الخليفة وخرج من عنده، ولم يشرب قطرة ماء (¬1).
ورع الإمام
صفحہ 153