وقال ابن أحمر (1) [من الطويل وهو الشاهد الثامن عشر] :
فقلت البثي شهرين أو نصف ثالث
إلى ذاك ما قد غيبتني غيابيا (2)
وأما قوله تعالى ( أإنا لمبعوثون ) (16) ( أوآباؤنا الأولون ) (17) [الصافات]. فان هذه الواو واو عطف كأنهم قالوا : ( أإنا لمبعوثون ) (16) فقيل لهم : «نعم وآباؤكم الأولون» فقالوا ( أوآباؤنا )، وقوله ( أولم ير الإنسان ) [يس : 77] ، ( أولم يهد لهم ) [السجدة : 26] وأشباه هذا في القرآن كثير. فالواو مثل الفاء في قوله تعالى ( أفلم يهد لهم ) [طه : 128] وقوله ( أفلم يدبروا القول ) [المؤمنون : 68] وإن شئت جعلت هذه الفاآت زائدة. وإن شئت ، جعلتها جوابا لشيء ، كنحو ما يقولون «قد جاءني فلان» فيقول «أفلم أقض حاجته» ، فجعل هذه الفاء معلقة بما قبلها.
وأما قوله ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) [الآية 7] فإن الختم ، ليس يقع على الأبصار. إنما قال ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) ثم قال ( وعلى أبصارهم غشاوة ) مستأنفا. وقوله ( ختم الله ) لأن ذلك ، كان لعصيانهم الله ، فجاز ذلك اللفظ ، كما تقول : «أهلكته فلانة» إذا أعجب بها ، وهي لا تفعل به شيئا ، لأنه هلك في اتباعها. أو يكون «ختم» حكم بها أنها مختوم عليها.
وكذلك ( فزادهم الله ) [الآية 10] على ذا التفسير ، والله اعلم.
ثم قال تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ) [الآية 8] فجعل اللفظ واحدا ، ثم قال ( وما هم بمؤمنين ) [الآية 8] فجعل اللفظ جميعا ، وذلك أن «من» اللفظ بها لفظ واحد ، ويكون جميعا في المعنى ، ويكون اثنين. فان لفظت بفعله على معناه ، فهو صحيح. وإن جعلت فعله على لفظه واحدا ، فهو صحيح ومما جاء من ذلك قوله تعالى : ( بلى من أسلم وجهه
صفحہ 128