افترض عليه أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فإنه لا صلاح لهم بدون ذلك أصلا، علما وعملا. وعليه أن يصلح نفسه بما يرضي الله من إقامة دينه وأن لا يخاف في الله لومة لائم، وأن يحب في الله ويبغض فيه ويوالي لله ويعادي فيه، وأن يميز الناس بتمييز الله، فإن الله ميز أولياءه من أعدائه.
ولا شك أن هذا من فرائض التوحيد، وليكن على حذر من الناس وأهوائهم؛ فإنهم لا يرضون إلا بمتابعة أهوائهم، وقد قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾ ١.
واعتبِرْ بما جرى من أكثر الناس من أنواع الشرك والظلم والفساد كما قد جرى فيما مضى، كما ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- حيث يقول:
إسلام شركا ظاهر التبيان ... ولقد رأينا من فريق يدعي ال
ووهم به في الحب لا السلطان ... جعلوا له شركاء والوهم وسا
زادوا لهم حبا بلا كتمان ... والله ما ساووهمو بالله بل
فشو الشرك بالدعاء والاستغاثة بغير الله
وهذا وأمثاله هو الواقع في هذه الأزمنة، يعرفه من تدبر القرآن وفهم أدلة التوحيد، فلقد كثر هذا الشرك بنوعيه من دعوة غير الله والاستغاثة به وتعظيمه والحلف به، حتى إن بعض الجهال يستنكفون من قول القائل: محمد عبد الله ورسوله فينكرون قوله: عبد الله. ولا ريب أن الله ﵎ شرفه بعبوديته له الخاصة والرسالة.
وأما أهل الإسلام على الحقيقة والإيمان فيخلصون إرادتهم وأعمالهم لله -تعالى- وحده دون من سواه، فلا يدعون ولا يرجون ولا يستغيثون ولا يتوكلون ولا يتقربون بنوع من أنواع العبادة إلا إلى ربهم ومليكهم وخالقهم والقائم عليهم والمتصرف فيهم بمشيئته وإرادته، ويعملون بما شرعه لهم في كتابه، وسنه لهم نبيهم ﷺ من شريعته، معتصمون
_________
١ سورة الجاثية آية:١٨، ١٩.
1 / 307