الأولى تبين كيف تتركب الجملة من الرموز اللغوية الجزئية، والثانية تبين كيف نشتق جملة من جملة أخرى.
فمن قواعد التكوين نعرف كيف نبني الجملة البسيطة التي تتحدث عن جزئي واحد في واقعة واحدة، فها هنا لا بد من رمز يرمز إلى فرد معين وليكن «س»، ثم لا بد من رمز آخر يرمز إلى صفة معينة يتصف بها ذلك الفرد وليكن «ص»، أو إلى رمز ثالث يرمز إلى علاقة تربط ذلك الفرد بفرد آخر أو أفراد أخرى، وليكن رمز العلاقة «ع»، ورمز الفرد الآخر هو «م»، وبعد أن نفرغ من وضع الرموز لنسمي بها الأفراد والصفات والعلاقات، يتسنى لنا أن نبني الجملة البسيطة بصورها المختلفة، فنقول مثلا «(ص) س» - أي إن الفرد «س» موصوف بالصفة «ص»، أو نقول «س ع ص»، أي إن الفرد «س» مرتبط بالعلاقة ع مع الفرد ص.
ثم من قواعد التكوين أيضا نعرف كيف نبني الجملة المركبة من جمل بسيطة، بواسطة الروابط المنطقية مثل «أو» و«و» و«إذا»، كأن نقول مثلا: «إما (ص) س أو (ح) س»، أي إن الفرد س إما موصوف بالصفة ص أو بالصفة ح، أو أن نقول: «(ص) س، و(ح) ك»، أي إن الفرد س موصوف بالصفة ص، والفرد ك موصوف بالصفة ح، وما دمنا قد رسمنا الطريق لتكوين الجملة البسيطة والجملة المركبة من رموز نضعها للأشياء والصفات والعلاقات، فقد رسمنا الطريق لتكوين العبارات اللغوية كلها.
تلك هي قواعد «التكوين»، أما قواعد «التحويل» فهي التي تخول لنا أن نشتق جملة من جملة، فمثلا إذا كان لدينا هاتان الجملتان: (1) «إما س أو ص». و(2) «ليس س». جاز لنا أن نشتق العبارة ص.
ومن قواعد التكوين وقواعد التحويل معا، نستطيع أن نلم باللغة كلها من حيث مبنى عباراتها، وعلاقة الرموز اللغوية بعضها ببعض في الجملة الواحدة، وعلاقتها بعضها مع بعض في الصيغ الرمزية المختلفة، وواضح بالطبع أننا ما دمنا نحصر أنفسنا في دائرة هذه القواعد وحدها، فسنظل في عزلة عن عالم الأشياء والحوادث، سنحدد أنظارنا بحدود العبارة اللغوية وأجزائها، فلا نجاوز هذه الحدود إلى ما وراء العبارة اللغوية من مدلولات تجعل العبارة صحيحة أو كاذبة، وفي هذه الحدود السنتاطيقية حصر «كارناب» نفسه أول الأمر، ثم خرج عن هذه الحدود حين وسع من نطاق بحثه، بحيث شمل الجانبين الآخرين: جانب السمانطيقا الذي يربط فيه بين العبارة ومدلولها الخارجي، وجانب البراجماطيقا الذي يربط فيه بين العبارة وقائلها، وبذلك تكمل جوانب البحث في منطق اللغة.
8
يفرق «كارناب» بين ثلاثة أنواع من العبارات، هي: (1)
عبارة شيئية، أي تتحدث عن شيء ما مباشرة دون توسط اسم ذلك الشيء، كأن تضع على الورق بقعة خضراء، وتكتب إلى جانبها كلمة أخضر، على اعتبار أن يفهم القارئ مما يراه جملة: «هذا أخضر».
ومن قبيل ذلك أيضا تكتب - مثلا - الرقم 4 وإلى جانبه تكتب عبارة «عدد زوجي»، فعندئذ العبارة الوصفية «عدد زوجي» تصف الشيء الموصوف مباشرة وهو «4». (2)
عبارة سنتاطيقية، وهي التي تتحدث عن كلمة من كلمات اللغة، كأن تقول مثلا: «يكتب مكونة من أربعة أحرف.» «الهرم اسم يطلق على أثر مصري قديم في الجيزة.» «المقعد كلمة تقال عن أي شيء معد للجلوس.» (3)
نامعلوم صفحہ