موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
تحقیق کنندہ
مأمون بن محيي الدين الجنان
ناشر
دار الكتب العلمية
صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَفَضْلُهَا وَآدَابُ أَخْذِهَا وَإِعْطَائِهَا
فَضِيلَةُ الصَّدَقَةِ:
مِنَ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ ﷺ: «تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِتَمْرَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» وَقَالَ ﷺ: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ» وَقَالَ ﷺ: «صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ ﷿» وَسُئِلَ ﷺ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَاقَةَ وَلَا تَمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» وَقَالَ ﷺ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ، إِقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ (لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٣] وَقَالَ ﷺ:» مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَكْسُو مُسْلِمًا إِلَّا كَانَ فِي حِفْظِ اللَّهِ ﷿ مَا دَامَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ رُقْعَةٌ «.
وَمِنَ الْآثَارِ قَوْلُ عروة:» لَقَدْ تَصَدَّقَتْ عائشة ﵂ بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَأَنَّ دِرْعَهَا لِمُرَقَّعٌ. وَكَانَ عمر ﵁ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْفَضْلَ عِنْدَ خِيَارِنَا لَعَلَّهُمْ يَعُودُونَ بِهِ عَلَى أُولِي الْحَاجَةِ مِنَّا. وَقَالَ «ابن أبي الجعد»: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتَدْفَعُ سَبْعَمِائَةِ بَابٍ مِنَ السُّوءِ، وَفَضْلُ سِرِّهَا عَلَى عَلَانِيَتِهَا بِسَبْعِينَ ضِعْفًا» .
وُجُوبُ فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧١] وَفِي الْإِخْفَاءِ خَمْسَةُ مَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَبْقَى لِلسَّتْرِ عَلَى الْأَخْذِ، فَإِنَّ أَخْذَهُ ظَاهِرًا هَتْكُ سِتْرِ الْمُرُوءَةِ وَكَشْفٌ عَنِ
1 / 57