المذهب الثاني وبه قال إمام الحرمين والغزالي أنه ليس ضروريا بل هو نظري ولكن يعسر تحديده وربما نصرا بالدليل الثاني إنما قال ربما لأن النصرة به تخييلية ألا يرى أنه إن تم دل على امتناع التحديد دون عسره وإن لم يتم لم يدل على شيء قالا وطريق معرفته القسمة والمثال أما القسمة فهي أن نميزه عما يلتبس به من الاعتقادات فنقول مثلا الاعتقاد إما جازم أو غير جازم والجازم إما مطابق أو غير مطابق والمطابق إما ثابت أو غير ثابت فقد خرج عن القسمة اعتقاد جازم مطابق ثابت وهو العلم بمعنى اليقين وقد تميز عن الظن بالجزم وعن الجهل المركب بالمطابقة وعن تقليد المصيب الجازم بالثابت الذي لا يزول بالتشكيك وأما المثال فكان يقال العلم إدراك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة أو يقال هو كاعتقادنا أن الواحد نصف الاثنين وهذا القول بعيد فإنهما أي القسمة والمثال إن أفادا تميزا لماهية العلم عما عداها صلحا معرفا وحدا لها إذ لا يعني ههنا بتحديدها سوى تعريفها وإلا لم يحصل بهما معرفة لماهية العلم لأن محصل المعرفة بشيء لا بد أن يفيد تميزه عن غيره لامتناع حصول معرفته بدون تميزه واعلم أن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى صرح في المستصفى بأنه يعسر تحديد العلم بعبارة محررة جامعة للجنس والفصل الذاتيين فإن ذلك متعسر في أكثر الأشياء بل في أكثر المدركات الحسية فكيف لا يعسر في الإدراكات الخفية ثم قال إن التقسيم المذكور يقطع العلم عن مظان الاشتباه والتمثيل بإدراك الباصرة يفهمك حقيقته فظهر أنه إنما قال بعسر التحديد الحقيقي دون التعريف مطلقا وهذا كلام محقق لا بعد فيه لكنه جار في غير العلم كما اعترف به
المذهب الثالث أنه نظري لا يعسر تحديده وذكر له تعريفات
صفحہ 52