مودہ اور خلطہ

الجاحظ d. 255 AH
89

مودہ اور خلطہ

رسائل الجاحظ

ناشر

دار ومكتبة الهلال

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٢٣ هـ

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

بلاغت
ومرّ هشام بن عبد الملك ببعض أهل الكلفة والفضول، وعليه حلّة ذيّالة يسحبها في التّراب، فقال له المتكلف: يا هذا، إنّك قد أفسدت ثوبك. قال: وما يضرّك من ذلك؟ قال: ليتك ألقيته في النار. قال: وما ينفعك من ذلك؟ فأفحمه غاية الإفحام. ولو تهيّأ للمتكلّفين في كل وقت مثل صرامة هشام لازدجر من به حياء منهم، ولقلّت الفضول والكلف والغيبة. [١١- عودة الى الغيبة] قالوا: وليس من أحد أذلّ من مغتاب، لأنّه يخفى شخصه، ويطامن حسّه، ويغّض من صوته، ولا يزيد بما يناله من ذلك إلّا بأن يرفع من قدر خصمه ويعظّم من شأنه. قال معاوية: أتدري من النبيل؟ هو الذي إذا رأيته هبته، وإذا غاب عنك اغتبته. وهي لعمري سبيل العظماء عند العوامّ، والملوك عند الرعيّة، والسّادة عند العبيد. فلم يأخذ المغتاب ممن اغتابه شيئا بعضيهته إيّاه إلّا والذي أعطى من الهيبة عند حضوره أكثر منه. ولو كان المغتاب لا يستتر من الغيبة إلا ممّن يخاف سطوته، كان أعذر. ولكن اللّؤم المتمكّن منه يحمله على اغتياب عبده وأمته، فضلا عن كفئه ونظيره. ويغتاب الرجل عند عدوّه والمشاحن له، مساعدة له بالسّخف، وتقرّبا إليه بالمهانة والضّعف، من غير أن يكون له عليه طول، أو يلتمس منه على ما

1 / 105