فقال : أما نفاق خيانة/[24] فقوم عاهدوا الله فأخلفوا ما وعدوه، وهم محرمون لذلك مستترين أو ظاهرين عليه.
قلت : فما نفاق تحليل وتحريم ؟
فقال : قوم أحلوا ما حرم الله ، وحرموا ما أحل الله ، وهم دائنون بذلك بالغلط في تفسير المتشابه، تأولوا فأخطأوا، ونافقوا وكفروا من حيث لا يشعرون (¬1) .
باب آخر من الجهالات
[ ما حال من ظهر لك منه الإسلام ثم
تبين أنه يجهل محمدا عليه السلام ]
سألت عن رجل ظهر لك منه عمل الإسلام، فمكث بذلك سنين ولم تعلم منه إلا صلاحا، وهو من أهل دعوتك، ثم إنك سألته أو سأله غيرك، ما تقول في نبينا محمد عليه السلام أهو رسول هذه الأمة أم لا ؟
فقال : لا علم لي بذلك ! ما حاله، وما حال امرأته، وما حال من كان يعطيه زكاة ماله ؟
¬__________
(¬1) - النفاق عند الاباضية ومن وافقهم على قولهم ، هو كل كبيرة قد توعد عليها مما هو مخصوص في كتاب الله - عز وجل - ، أو مستخرج من النص ، وهو عندهم على معنيين كما قال صاحب الكتاب : أحدهما نفاق خيانة ، وأهله مرتكبون للكبائر ، مضيعون للفرائض ،لم يستحلوا فيه حراما ولم يحرموا حلالا ولم يدينوا فيه بدين ، غير أنهم مقرون بحرام الله فيه وبحلاله. وإنما أتوا ما أتوا منه شهوة ولذة . والنفاق الثاني هو ما دان به أهل النفاق، فأحلوا فيه حراما وحرموا حلالا وتأولوا على غير طريق الحق ، وهؤلاء أهل تأويل وتحريف= بالكتاب ، وهذا هو معنى قول صاحب الكتاب : تأولوا فأخطأوا ، ودانوا بغلطهم في تفسير المتشابه من القرآن مثل قوله تعالى: ((يد الله فوق أيديهم ))(الفتح:10) وقوله: (( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه))(الزمر:67) وقوله(( إنا نطعمكم لوجه الله )) (الإنسان:9) وقوله: (( تجري بأعيننا))(القمر:14) . في مثل هذا كثير من كتاب الله فحملوه على معنى التشبيه بغلطهم في معاني اللغة وما يجوز على الله - عز وجل - ومالا يجوز .
صفحہ 74