فإن قال : أربك سميع ؟ فقل : نعم. فإن قال : وما معناك سميع ؟ فقل : إثبات أنه غير أصم. فإن قال/[3] وأنت أيضا سميع !فقل : أنا سميع بجزء من أجزائي وجهة من جهاتي، وأنا سميع بعد أن كنت أصما وهو قبل الطفولية وحال النطفة والعلقة. وأنا في تلك الحال لا يجري علي فيهما اسم سميع ولا اسم أصم لأني فيها غير سميع ولا أصم، ثم نقلت إلى غير تلك الحال إلى حال الأموات. ولا يجوز أن يقال لي : سميع ولا أصم في حال الطفولية، النطفة والعلقة والمضغة ، وذلك عن الله منفي، وحالي التي كنت فيها سميعا وأصما عن الله منفية، وحال الموت بعد الحياة عن الله منفية. وأنا سميع بعد هذه الأحوال وبعد هذه الجهات. والله تبارك وتعالى لا يجري عليه ما يجري علي من هذه الأشياء، فهو سميع بمعناه لا بجزء يدرك به الأصوات ولا ببصر يدرك به الألوان والأشخاص، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. لأنه لو كان به ذلك لوقع التغاير في المعبود فيقال هذا الجزء غير هذا الجزء وهذه الجهة غير هذه الجهة فيستحيل ذلك. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (¬1) .
¬__________
(¬1) - أخذ المؤلف في التفرقة بين سميع وسميع لأن معنى سميع في صفة الله - عز وجل - مثل معناه في صفة الخلق ، فلذلك سبق المؤلف إلى الجواب قبل أن يسأل عنه ، وذلك لو أن أحدا سمع قائلا يقول : إن الله - عز وجل - سميع ، فيوهم أن معنى ذلك على ما يجوز في صفة الخلق أو شك فيه ولم يعتقد أن السميع في صفة الله - عز وجل - على خلاف ما هو في صفة الخلق كان مشركا بذلك جاهلا بصفات ربه - عز وجل - .
صفحہ 15