الجواب في ذلك، أنه ينبغي لهم أن يجيبوه فيما دعاهم إليه من الإيمان مثل ما دعا موسى فرعون ينبغي له أن يجيبه إلى ما دعاه إليه من المعرفة بالله أنه واحد لا شريك له، ولا يشبهه أحد من خلقه وقد علم الله أنه/[20] لا يجيبه إلى ما دعاه إليه موسى وليس هذا مما يبطل على الله، وليس شيء يبطل علمه وهو العالم بلا تعلم (¬1) .
[ معنى الإسلام ]
فإن قيل لك : ما الإسلام ؟
فقل : الاستسلام لله والرضا بقضاء الله (¬2) .
فإن قال : أخبرني عن الله أليس قد كان ولا شيء ثم أحدث الأشياء هل هو معها وفيها ؟
¬__________
(¬1) - هذه المسألة كلها مثل المسألة التي قبلها ، هل أراد الله أنفاذ علمه بنقض أمره أو أراد أنفاذ أمره بنقض علمه ، وهي من مسائل الجهمية التي تزعم أن لا يكون أن يعلم شيئا من أفعال العباد حتى تكون موجودة ، فمن علتهم أن قالوا: ليس من الحكمة أن يطلب الحكيم حاجة إلى من يعلم أنه غير قاض لحاجته ، وأحالوا في زعمهم أن يكون الله يأمر العباد بأمر،وهو يعلم أنهم لا يفعلونه هروبا منهم= = أراد بذلك وصف الله بالعبث فوقعوا فيما هو أشد مما هربوا منه، حين وصفوه بالجهل لما يكون من ذلك حتى يكون موجودا . وكذلك حين وصفوه أنه لا يعلم ما أخبر عنه مما يكون حتى يكون واصفين له بالكذب تعالى الله عن الجهل والكذب وعما يقول الجاهلون علوا كبيرا .
(¬2) - إن المعنى في أسلمت واستسلمت واحد، فيقال أسلمت نفسي واستسلمت بنفسي ومعنى ذلك أن المسلم لا يتكلف أمرا دون فعل ما أمره الله به وترك ما نهاه الله عنه استسلاما لما فعل الله من ذلك وقضاه عليه ، فمتى ما قضى عليه بأمر استسلم وفعل ما أمره به ومتى ما قضى عليه بنهي استسلم وترك ما نهاه عنه فهذا هو معنى الإسلام والاستسلام. يقول تعالى في إبراهيم عليه السلام : (( إذ قال له ربه أسلم قال : أسلمت لرب العالمين )) ( البقرة:131 ) .
صفحہ 58