فقل : مشرك (¬1) .
واعلم أن جميع الصفات تنتظم إلى القدرة وهو الله القادر لا غيره تبارك وتعالى، وذلك قوله : { هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة } (¬2) الآية كلها. وقال: { إن ربك هو الخلاق العليم } (¬3) ، فمن جعل غيري موضع الذي قال الله هو، فقد اختلط توحيده من حيث لا يدري، وهذا التخليط في توحيد الله. فمن نفى عنه أسماءه وجعلها غيره، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (¬4) .
فإن قال قائل : ما تقول فيمن قال : إن الله يخلو من الأماكن وخلت منه الأماكن، فهذان الوجهان شرك.
فإن قال : خلا من الأماكن ولم تخل منه الأماكن ؟
¬__________
(¬1) - إن سؤاله عن الدين ما هو ؟ يريد به دين الله - عز وجل - لأن الدين إذا ذكر بالتعريف بالألف واللام غير مضاف، فالمراد به دين الله - عز وجل - = = وكذلك الطاعة والمعصية إذا عرفتا ولم تضافا كان المفهوم في الخطاب أنه طاعة الله ومعصية الله . ألا ترى إلى جواب صاحب الكتاب حيث يقول : هو الإسلام، وفسره فجعله نوعين : قولا وعملا . فالقول هو التوحيد ، والعمل هو الفرائض،وهو تفسير حسن،لأن المسلم لا يكون مسلما حتى يكون مقرا بالتوحيد ، ويكون مؤديا للفرائض .
(¬2) - سورة الحشر : 22.
(¬3) - سورة الحجر : 86.
(¬4) - إن معنى انتظام الصفات بالقدرة ، معناه ما ينفى بكل صفة من الصفات ، فقد ينفى بالقدرة ، والجهل منفي بالعلم ، والجهل عجز ، والعجز ينفى بالقدرة ، وكذلك الموت منفي بالحياة الخ ... فالقول في كل صفة من الصفات كالقول فيما ذكرنا منها، فبالجملة أن الله - عز وجل - قديم ليس بمحدث ، فكان الوصف بكل الصفات منوطا بالوصف بالقدم ، والآفات محدثة منفية عن القدم لما أن كانت تلك الآفات داخلة في معنى الحدث ، ولذلك قال المتكلمون : إن من وصف الله بأنه قديم ليس بمحدث ، فقد وصفه بكل صفة من صفاته، ونفى عنه كل صفة من صفات خلقه .
صفحہ 53