مَطْلَعُ الْبُدُور وَمَجْمَعُ الْبُحُور
مطلع البدور ومجمع البحور
اصناف
وهذا الكتاب لم ينقله من المسودة ولم يهذبه ولم يطلع عليه أحد، وكأنه رأى تركه أولى ووضع (حاشيه على الثلاثين مسألة) جعلها في هوامش نسخة بخطه لبعض المبتدئين فنقلها الناس نقل الشروح فتصرفوا فيها وغيروها عن وضعها، فهذا سبب ما قد ترى فيها من الخلل(1)، وعلق (حاشية على الأزهار) وشرحه لم ينقلها أيضا من المسودة، ولم يرتبها حق ترتيبها، ولا أعاد فيها نظر، ولا قرئت عليه وتناقلها الناس بعده، فقدموا وأخروا، وكثيرا ما صحف النساخ فيها، والله المرجو أن يقيض لها من يداوي عللها، ويسد خللها(2)، وله السؤالات إلى الإمام القاسم - عليه السلام - المعروفة (بالسؤالات الصنعانية)(3)، وآخر مؤلفاته - قدس الله روحه - (الطراز المذهب في إسناد المذهب) (4) وأما صفاته الشريفة فلا نطول ذكرها(1)، وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا، وفضلاء عصره مجمعون على زهده وورعه، ووقاره وخشوعه، وجلالة قدره، وشفقته بالمسلمين، وبره بالأقربين والأبعدين، وكثرة عبادته، وغير ذلك من الأوصاف الجميلة. من مواظبته على العبادة أنه ما طلع الفجر فيما أعلم وهو نائم، وأم الناس في الجامع منذ ملكت اليد الإمامية صنعاء سنة تسع وثلاثين إلا مدة قليلة في آخر عمرة، عسرت عليه المواظبة لعوائق /75/ عديدة، وما سجد للسهو في هذه المدة كلها إلا مرة [واحدة](2) في وفاة صنوه الحسن - رحمه الله - سلم في صلاة العشاء على ركعتين وسلم معه أكثر الناس، فأعاد الصلاة وأعادوا جميعا، وقرأ ?أرأيت الذي يكذب بالدين ? (الماعون: 1).
ومن خشوعه وخشيته أنه كثيرا ما سمع منه البكاء، فمن ذلك ما سمعته ورأيته أنا وغيري، كنا نقرأ عليه (شرح القلائد) للنجري، فبلغنا مسألة إنطاق الجوارح، فوضع الكتاب، وما زال يبكي بأعلى صوته(3) حتى سمعه من مر على الباب، والقراءة كانت في البيت بصنعاء، وكلما فتح الكتاب غلبه البكاء، فقام وتركنا القراءة ذلك اليوم، ما رأيت، ولا سمعت في أهل عصرنا بمثل هذا، ولها نظائر.
ومن تقليله للطعام ما قد ذكرته، بل ما قد علمت منه، ترك الطعام أياما متوالية، وفي شهر رمضان يفطر بلحوح ولبن، ثم يقوم للصلاة فلا يفرغ الناس من العشاء إلا وقد أكمل صلاة التسبيح، ثم يقوم الليل فلا يتسحر إلا بالقهوة. ومن إكثاره للذكر أنه كان يقرأ في شهر رمضان في المدة السابقة خمسة وأربعين ختمة، وسمعت منه في معرض الزجر عن الاشتغال بما لا يحتاج إليه من كثرة الكلام مع الناس لا سيما في الطريق، قال: الإنسان يقرأ من الجامع إلى البيت حين يخرج من صلاة العشاء سورة يس ثلاث مرات، وكم بين الجامع والبيت.
صفحہ 140