[تعريف بالكتاب] (*)
كتاب " أدباء مالقة " أو سيرة كتاب ينشر لأول مرة بعد خمس وأربعين سنة من اكتشاف مخطوطته الأصلية
الأستاذ عبد العزيز الساوري
وزارة الشؤون الثقافية - الرباط
وكم من الشيوخ الأكابر كتبوا فملؤوا الدفاتر والدواوين بأسماء رجال الأندلس خاصة فضلًا عن ذكر مصنّفاتهم وأنسابهم وفضائلهم وأحوالهم (١) .
إذا كان مصطلح "السيرة" يختص بالأعلام، فإن للكتاب الذي نتحدث عنه في هذا العرض سيرة تشبه سير الرجال، لا تخلو من طرافة وتشويق. وهذه بعض تفاصيلها:
للمحققين والدارسين الأردنيين يَدٌ يَجِبُ أن تُذكر فَتُشْكَر (٢)، لما يبذلونه من جهود متواصلة في نشر التراث المغربي الأندلسي، أمثال: د. عبد الكريم خليفة، ود. صلاح جرَّار، ود. نصرت عبد الرحمن، ود. حسين يوسف خربوش، ود. محمد علي شوابكة، ود. عبد الجليل حسن عبد المهدي، ود. محمود عبد الرحمن خياري، ود. حسن افلفيل، والأستاذة منال منيزل. وليس المجال مجال الإفاضة في هذا الموضوع، ولكن دعا إليه الحديث عن كتاب جليل مما قام أولئك بإحيائه بالنشر والتحقيق (٣)، وهو كتاب "أدباء مالقة المسمّى مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد مالهم من المناقب والآثار" لمؤلفه أبي بكر محمد بن محمد بن علي بن خميس المالقي المتوفى بعد سنة ٦٣٩ هـ.
وقد تولى تحقيقه والتقديم له الصديق الأستاذ د. صلاح جَرَّار، وهو من أساتيذ الجامعة الأردنية في عمان، وصدر عن دار البشير بعمان ومؤسسة الرسالة ببيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٩ هـ ١٩٩٩ م، في ٥١٠ صفحة من القطع الكبير، مذيّلًا بالفهارس الضرورية.
_________
(١) الأنوار النبوية في آباء خير البرية تأليف محمد بن عبد الرفيع بن محمد الشريف الحُسَيْنِي الجعفري المرسي الأندلسي المتوفى سنة ١٠٥٢ هـ، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم كـ ١٢٣٨، صص. ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٢) مجلة "العرب"، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، ج ١١، ١٢، ص ٣٣، شتنبر - أكتوبر ١٩٩٨، ص. ٨٤٦.
(٣) انظر: من مساهمات الباحثين الأردنيين في تحقيق التارث الأندلسي والمغربي، بيبليوغرافيا أعدّها د. صلاح جَرّار (لم تنشر) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه التقدمة ليست في المطبوع، بل هي مقال للأستاذ «عبد العزيز الساوري»، أضفته هنا لفائدته
اعتمد د. صلاح جَرَّار في تحقيقه لهذا الكتاب على نسخة مصوّرة عن النسخة الخطية الوحيدة التي كان يملكها الأستاذ محمد العرائشي المكناسي، ثم آلت إلى خزانة خاصة أخرى. وتقع هذه المخطوطة في ١٠٥ ورقة من الحجم المتوسط، ومعدل سطور الصفحة الواحدة تتراوح ما بين ٢٢ و٢٥ سطرًا. أما كلمات كل سطر، فتتراوح ما بين سبع كلمات وثلاث عشرة كلمة. ويتخلل الأسطر عناوين أسماء المترجم بهم بخط غليظ أحمر. وليس هناك تاريخ محدد للنسخ، ولكن لاحظ د. صلاح جَرَّار أن عبارة "أعادها الله" التي كان يثبتها الناسخ بإزاء اسم مدينة مالقة، تدل على أنها نسخت بعد سقوط مدينة مالقة سنة ٨٩٢ هـ، ولكن اختلاف الخطوط فيها يوحي بأنها لم تكتب في زمن واحد (١) . ويذكر د. قاسم أحمد السامرائي - الذي فحص أصل هذه النسخة سنة ١٩٨٨ في مكتبة خاصة في الرباط حين زار مالكها في داره برفقة د. يحيى محمود ساعاتي، وصديقه المستعرب الهولندي د. بيتر شورد فان كوننكزفيلد - أن النص كتب" بالمداد الأسود والأحمر بخط أندلسي واضح على نوعين من الكاغد، أولهما: عربي سميك يعود إلى القرن التاسع للهجرة وأوراقه قليلة، والثاني: وهو الأغلب، أوروبي أبيض يعود إلى القرن العاشر (السادس عشر للميلاد) تظهر فيه الخطوط المائية المتوازية والعلامة المائية فيه على شكل عنقود عنب. أما تسفيرها (أي تجليدها)، فهو مغربي حديث جدًّا " (٢) . والنسخة - كما يصفها د. قاسم السامرائي - مرممة ترميمًا بدائيًا سيئًا طمس الكثير من أسطر رؤوس الصفحات فأخفاها. وفي آخر النسخة نقصٌ لا يزيد على بضع ورقات، وفي داخلها نقص آخر يقع في ورقة واحدة أو اثنتين (٥) لا تزالان محفوظتين في خزانة الأستاذ الحسن السائح في الرباط، كما أخبرني بذلك الفقيه محمد المنوني شفاه الله تعالى، ولم تَعْلَق بهما يد المحقق بعد. وبالإضافة إلى ما في النسخة من محو ونقص وطمس، فإن فيها تصحيفًا كثيرًا وسقطًا وتآكلًا في بعض الكلمات والأسطر، وأخطاء لغوية وإملائية. _________ (١) أدباء مالقة، ص. ٣٠. (٢) مخطوطة أندلسية فريدة في تراجم رجال مالقة، عالم الكتب (مجلة سعودية)، مج ٩، ع ٣، محرم ١٤٠٩ هـ، ص. ٣٣٥.
ونظرًا إلى الأهمية الكبيرة لهذه المخطوطة، فقد نالت شهرة واسعة بين المعنيين بالمخطوطات والدارسين ومحققي التراث الأندلسي؛ إلا أنه لم يجرؤ أحد على تحقيقها ونشرها مع وجود أصلها (٥)، ومنتسخات خطية كثيرة عنها، وبعض النسخ من مصوراتها في الخزائن العامة والخاصة داخل المغرب وخارجه. وقد كان الفقيه محمد المنوني شفاه الله تعالى لما بلّغته خبر صدور كتاب أدباء مالقة، قال لي: في سنة ١٩٥٧، كانت نية معهد مولاي الحسن للأبحاث المغربية الأندلسية بتطوان متجهة إلى تحقيقه مشاركة مع الأستاذ محمد بن تاويت التطواني مدير المعهد آنذاك ود. محمود علي مكي. غير أن المبلغ القليل الممنوح للأستاذ محمد العرائشي المكناسي مالك المخطوطة الأصلية لهذا الكتاب حالت بين المعهد وبين المضيّ معه إلى النهاية، لذا قرّر المعهد إلقاءه من مشاريعه. كما رأيت منه نسخة مخرّجة بتحقيق د. محمد بن شريفة ولست أدري هل دفعه إلى المطبعة أولًا؟ وأول من عرّف بهذه المخطوطة وقيمتها الأدبية والتاريخية في وقت مبكّر، هو المستعرب الفرنسي ليفي بروفنسال في مقالة له بعنوان: "حول شعراء مالقة في القرن العاشر"، ونشرها في مجلة "أرابيكا"، العدد الأول، سنة ١٩٥٤، صص. ٢٨٩ - ٢٩٣. ثم تلاه المستعرب الإسباني خواكين بالبي برميخو في دراسة له بعنوان: "مصدر مهم في تاريخ الأندلس: "تاريخ ابن عسكر". وهذه الدراسة منشورة في مجلة "الأندلس"، في العدد ٣١ لسنة ١٩٦٦، صص. ٢٣٧ - ٢٦٥. وكان الذي أمَدَّهما بمصوّرة منها هو المستعرب الفرنسي جورج كولان، كما أخبرني بذلك د. محمد بن شريفة. ووجدنا بعدهما مجموعة من الدارسين قد عرَّفوا بها أيضًا. فمن هؤلاء الأستاذ محمد الفاسي في مقالة له بعنوان: "كتاب ابن عسكر وابن خميس في مشاهير مالقة"، وهي منشورة في مجلة "المناهل" التي تصدرها وزارة الشؤون القافية في الرباط في عددها ١٣ لسنة ١٩٧٨، صص. ١٢٥ - ١٣٥.
ومن هؤلاء الدارسين أيضًا الأستاذ محمد العرائشي المكناسي - الذي كان يحتفظ بنسخة فريدة من هذه المخطوطة - مقالة له بعنوان: "صفحات من المخطوط النادر: بعض أخبار فقهاء مالقة وأدبائها لابن عسكر"، ونشرها في مجلة "دعوة الحق" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الرباط، في العدد ٢، السنة ٢٣، جمادى الأولى ١٤٠٢ هـ/ أبريل ١٩٨٢، صص. ١١٠ - ١١٤. وفي هذا المقال أعلن الأستاذ العرائشي عن نية تحقيقه لهذه المخطوطة، إلا أن هذا الأمل لم يتحقق. يقول: يسميه بعضهم "تاريخ مالقة"، والبعض الآخر "تاريخ ابن عسكر"، وهو مخطوط نادر، وتحفة أدبية تاريخية، لم يسبق له أن نشر أو عثر على نسخة أخرى في خزانة من الخزانات؛ إذ بعد البحث المتواصل، انتهيت إلى أنه لا وجود لنسخة ثانية من هذا المخطوط، سوى تلك النسخة الفريدة التي تعتز خزانتي باحتضانها. ومنذ أن قدمت هذا المخطوط لجائزة الحسن الثاني للمخطوطات [سنة ١٩٧٠ التي تنظمها وزارة الشؤون الثقافية بالرباط] (١)، وأنا منهمك في تصحيحه وجمع شتاته. وبمجرد فراغي من تصحيح القسم الأول منه، سأقدمه للطبع عندما تتيسر أسبابه بإذن الله تعالى. ونظرًا لكوني أمتلك النسخة الأصلية، وهي النسخة الوحيدة الموجودة منه كما ذكرت آنفًا، فإني أحتفظ بجميع حقوقي القانونية فيما يرجع للنشر؛ وكل من قام بعمل يتنافى وتلك الحقوق، فإنني أعتبره مختلسًا ومعتديًا على حقوق الغير بدون موجب. أما التعريف بالمخطوط في المجلات والصحف، فإنني لا أمانع فيه (٢) . غير أن أدق تعريف - على إيجازه - قرأناه عن هذه المخطوطة هو تعريف الأستاذ الخبير بالمخطوطات، قاسم أحمد السامرائي في مقالة له بعنوان: "مخطوطة أندلسية فريدة في تراجم رجال مالقة" منشورة في مجلة "عالم الكتب" السعودية (مجلد ٩، عدد ٣، محرم ١٠٤٩ هـ، صص ٣٣٥ - ٣٣٦) . _________ (١) استخرج الفقيه محمد بوخبزة نسخة أخرى منه بخطه، وحصل بها على جائزة الحسن الثاني للمخطوطات سنة ١٩٨٩. (٢) ص. ١٠، هامش رقم ١.
وآخر من عرّف بهذه المخطوطة هو الأستاذ د. عبد الله المرابط الترغي في مقالة له بعنوان: "سبتة من خلال أعلام مالقة"، وهي منشورة في مجلة كلية الآداب بتطوان، العدد الخاص بندوة سبتة: التاريخ والتراث، السنة ٣، ع ٣، ١٤١٠ هـ/ ١٩٨٩ م، صص. ١٣٥ - ١٦١. وفيها يقول: ورغم أن الكتاب يتعلق بمالقة وأخبار أهلها والتعريف برجالها، فإنه لم يخل من ذكر بعض البلاد الأخرى وعرض أخبار رجالها، ولا سيما البلاد القريبة من مالقة كسبتة في عدوة المغرب. وتبرز سبتة على أكثر من واجهة بين مواد كتاب أعلام مالقة، فهي تبرز ضمن واجهة تراجم الرجال المعرَّف بهم سواء أكانوا سبتيين أم من بلاد غيرها. وتبرز على واجهة المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في جمع مواد كتابه. وأخيرًا تبرز وبشكل لافت للنظر ضمن النصوص الأدبية التي تخص سبتة أو ترتبط بأي صنف من أصناف العلاقة التي تجمع بين الأدباء في كل من سبتة ومالقة (١) . كما اعتمد عليها نفر من محققي التراث الأندلسي، مثل الفقيه محمد المنوني في كتابه "العلوم والآداب والفنون على عهد الموحدين"، ود. محمد بن شريفة في تحقيقه لبعض أجزاء "الذيل والتكملة" لابن عبد الملك المراكشي، وكتابه: "أبو المُطرِّف أحمد بن عَمِيرَة المخزومي حياته وآثاره"، ود. إحسان عباس في تحقيقه لشعر أبي عبد الله الرّصافي البلنسي وبعض أجزاء "الذيل والتكملة"، والأستاذ إبراهيم بن مراد في تحقيقه لكتاب "مختارات من الشعر المغربي الأندلسي" تنشر لأول مرة، ود. صلاح جَرَّار في تحقيق لشعر مَرْج الكُحْل الشُّقرِي، ود. عبد السلام الهراس والشيخ سعيد أعراب في تحقيقهما لبعض أجزاء "صلة الصلة" لابن الزبير، ود. محمود ومحمد عبد الرحمن خياري في رسالته للدكتوراه: "رسائل موحدية جمعًا وتحقيقًا ودراسة"، والمستعربان الإسبانيان ماريا إيزابيل كاليروسكال وفيرخيليو مارتينز اينمورادو في كتابهما "مالقة مدينة الأندلس" ... وآخرون. فما السبب في تردُّد وعزوف الدارسين عن تحقيقها ونشرها؟ _________ (١) ص. ١٤١.
يجيب د. صلاح جرَّار، فيقول: " لعل مصدر هذا التردد هو ما يعتور المخطوطة من نقص في أولها ووسطها وآخرها، وما لحق بعض صفحاتها من تلف، وما أصاب بعض سطورها وعباراتها من طمس ومحو، وما يشوب المخطوطة نفسها من تصحيف وسقط وتقديم وتأخير وخلل، مما يجعل من قراءتها أمرًا شاقًّا، ولا سيما أن نسخة هذه المخطوطة فريدة ولا يوجد نسخة ثانية لمقابلتها بها " (١) . غير أن مثل هذه العوائق ليس مما يُعجز الأستاذ المحقق د. محمد بن شريفة على سبيل المثال، ولذلك يبدو أن سببًا آخر حال دون نشره هذا الكتاب دون شك. وفي هذا المجال أفادني د. علي لغزيوي أن ما حال دون إقدام د. محمد بن شريفة على إخراج الكتاب، على الرغم من نيته القوية، يرجع في الغالب إلى ما كان قد ذكره الأستاذ محمد العرائشي في مقالته المشار إليها، من احتفاظه بحقه في متابعة كل من يُقدم على إخراج الكتاب ونشره بحكم كونه هو المالك الحقيقي الوحيد للنسخة الأصلية منه. ونظرًا لأهمية مدينة مالقة - وهي من أعمال كورة ريّة في الأندلس - موضوع هذه المخطوطة، فقد حظيت بعدة تواليف في تراجم أعلامها، مثل: ١ - فقهاء ريّة لقاسم بن سعدان المتوفى سنة ٣٤٧ هـ؛ ٢ - رجال مالقة المُؤلَّف للحكم المستنصر؛ ٣ - تاريخ مالقة لأبي عبد الحميد إسحاق بن سلمة القَيْنِي؛ ٤ - كتاب في المشهورين من أعلام مالقة لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري؛ ٥ - الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام لأبي العباس أصبغ بن علي بن هشام المالقي المتوفى سنة ٥٩٢ هـ (٢)؛ _________ (١) أدباء مالقة، ص. ٧. (٢) ختم أسبغ بن أبي العباس كتابه في أعلام مالقة بترجمة أبي محمد ابن الأصم المنْشِي أو المنشري المتوفى سنة ٥٩٨. (انظر: الذيل والتكملة، س ٥، ق ١، ص. ٧٧) .
٦ - الإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام لأبي عبد الله محمد بن علي بن خضر بن هارون الغسَّاني المشهور بابن عسكر المتوفى سنة ٦٣٦ هـ (١) . وهذا الكتاب هو صلة وتتميم لكتاب أصبغ؛ ٧ - ذيل أو تذييل تاريخ مالقة لأبي الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الجُذامي البُنّاهي المالقي كان حيًّا سنة ٧٩٣ هـ. ويبدو أن هذا الكتاب تذييل على كتاب ابن عسكر وابن خميس الآتي ذكره، ولم نقف على ذكره إلا عند ابن الخطيب (٢) . ٨ - أما الكتاب الثامن - من الكتب التي وضعت في التعريف بأعلام مدينة مالقة وأدبائها وفقهائها - فهو كتاب ابن خميس الذي ينشر لأول مرة بتحقيق د. صلاح جرَّار، وهو تتمة وتكملة لكتاب خاله ابن عسكر السابق. يقول السخاوي عن ابن خميس في سياق حديثه عن مدينة مالقة: وعمل أبو عبد الله محمد بن علي بن خضر بن عسكر الغسّاني لها تاريخًا لم يكمله، فأكمله ابن أخته أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن خميس، وسماه "مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد ما لهم من المناقب والآثار" (٣) . وقد فهم المحقق" من هذا النص أن ابن خميس هو الذي اختار هذا العنوان للكتاب وليس ابن عسكر حسب قول ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة"، وابن الخطيب في "الإحاطة" اللذين جعلا كتاب "مطلع الأنوار" عنوانًا آخر لكتاب "الإكمال والإتمام" لابن عسكر " (٤) . _________ (١) له كتاب آخر ذيّل فيه كتاب السهيلي، عنوانه: "التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام"، حققه وقدم له حسن مروة، وصدر عن دار الفكر المعاصر ببيروت ودار الفكر بدمشق، الطبعة الأولى سنة ١٤١٨ هـ/ ١٩٩٧ م، كما حققه الباحث حسين عبد الهادي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام ١٤٠٤ هـ، ونال به درجة الدكتوراه. (٢) انظر مقال الدكتور محمد بن شريفة: "البُنّاهي لا النُّباهي" مجلة الأكاديمية، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، العدد ١٣، سنة ١٩٨٨، ص. ٧٨، ٨١؛ والإحاطة في أخبار غرناطة، ج ٣، ص. ٤٦، ١٩٣؛ ج ٤، ص. ٢٦٣. (٣) الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ، ص. ٢٧٢. (٤) المصدر نفسه، ص. ١٨.
وفي رأيه "أن ابن عسكر سمى كتابه "الإكمال والإتمام ... " وأن ابن خميس سمى تتمته لذلك الكتاب "مطلع الأنوار ... " (١) . وتسمِّي المصادر كتاب ابن خميس: "تاريخ مالقة"، و"التتميم"، و"التكملة" و"أدباء مالقة". أما العنوان المثبت على غلاف مخطوطة هذا الكتاب، فهو: "كتابٌ جُمعَ فيه بعض فقهاء مالقة وأدباؤهم". وهذه كلها تسميات صحيحة لكتاب ابن خميس. ويؤكد المحقق" أن ما وضعه أصبغ بن أبي العباس وأبو عبد الله بن عسكر وأبو بكر بن خميس هي كتبٌ ثلاثة مستقلة وليست كتابًا واحدًا، وإن كان اللاحق منها يتمم السابق. وقد اختار كل واحد من هؤلاء المؤلفين الثلاثة عنوانًا لكتابه " (٢) . ومن الأدلة التي ساقها المحقق على أن ما وضعه ابن خميس هو كتاب مستقل عما وضعه سابقاه: ١ - أن ابن خميس قد نقل في كتابه مرارًا من كتاب ابن عسكر وكتاب أصبغ. فلو كانت هذه الكتب كتابًا واحدًا، لما احتاج ابن خميس إلى تكرار ما ذكره وأورده سابقاه؛ ٢ - لو كان ما أضافه ابن خميس جزءًا من كتاب ابن عسكر، لما وضع ابن خميس له عنوانًا، ولما فرّقت المصادر في نقلها عن ابن خميس وابن عسكر بينهما؛ ٣ - لو كان ما قام به المؤلفان كتابًا واحدًا، لوصلنا بجزئيه أو لضاع بجزئيه. أما أن يضيع الجزءُ الذي وضعه ابن عسكر ويصلنا الجزء الذي وضعه ابن خميس، لذلك دليل على استقلال كل من العملين عن الآخر (١٦) . ويخلص د. صلاح جرَّار من ذلك إلى أن كتاب "مطلع الأنوار" لابن خميس هو كتاب مستقل عن كتاب ابن عسكر، وإن كان يتمّم ما بدأه ابن عسكر. وإنما قام ابن خميس بتأليف هذا الكتاب، وفاء وتقديرًا لخاله وأستاذه ابن عسكر. ويظهر هذا الوفاء لخاله جليًّا من خلال الترجمة المطوّلة التي خصّه بها في كتابه واستغرقت نحو إحدى وعشرين صفحة (٣) ... وهي أطول ترجمة في الكتاب (٤) . ولم يقف المحقق على ترجمة لابن خميس في أي من المصادر التي رجع إليها في تحقيق هذه المخطوطة. وقد جمع بعض أخباره من خلال كتابه هذا، وبعض الإشارات القليلة جدًّا الواردة في بعض المصادر. _________ (١) المصدر نفسه، ص. ١٩. (٢) المصدر نفسه، ص. ٢١. (٣) المصدر نفسه، ص. ١٦٤ - ١٨٤ن رقم ٥٠. (٤) المصدر نفسه، ص. ٢١ - ٢٢.
وينبه المحقق إلى" أن آخر تاريخ وفاة ورد في كتاب ابن خميس هو سنة وفاة أبي عبد الله محمد بن عيسى بن مع النصر المومناني، وهي سنة ٦٣٨ هـ. ويذكر السخاوي أن كتاب ابن خميس قد انتهى في سنة تسع وثلاثين وستمائة. مما يعني أن ابن خميس كان حيًّا في هذه السنة " (١) . ولهذا الكتاب فوائد جمّة. فهو أولًا مصدر أدبي وتاريخي أندلسي له مكانته المرموقة في المكتبة الأندلسية، إذ يشتمل على تراجم ثلاثة وسبعين ومائة علمٍ من أعلام مدينة مالقة والطارئين عليها. وقد حذا فيه ابن خميس" حذو أستاذه ابن عسكر في ترتيب كتابه ترتيبًا هجائيًا حسب الترتيب المغربي، وبدأ من حيث انتهى أستاذه. فقد وصل أستاذه إلى أول حرف الميم، فترجم ابن خميس للأعلام التي تبدأ بحرف الميم، ثم حرف الصاد، فالعين، فالغين، فالقاف، فالسين، فالشين، فالهاء، فالياء. وهذا يعني أن الأحرف الأولى ... كانت من نصيب ابن عسكر؛ ولذلك لا نجد تراجم تبدأ بهذه الحروف في كتاب ابن خميس " (٢) . ويمتاز هذا الكتاب بكثير من التراجم مما لا نعثر عليه في مصدر آخر سواه، كما أنه انفرد بمعلومات كثيرة من الأعلام التي لها تراجم في مصادر أخرى. وتشمل تراجم هذا الكتاب: الخلفاء والرؤساء والأدباء والشعراء والفقهاء والمدرّسين، وغيرهم من طبقات الأعلام. أما منهج ابن خميس في الترجمة لأعلامه، فهو يقوم على ذكر اسم العلم كاملًا، ثم كنيته، ثم بلده مبيّنًا إن كان من مالقة أو من أحد أعمالها أو طارئًا عليها. ثم يسوق لنا أسماء شيوخه وتلاميذه ورحلاته ومؤلفاته وأهم الوظائف التي شغلها، ثم يسوق لنا نماذج من شعره ونثره. وغالبًا ما يطيل في إيراد أشعار المشاهير ورسائلهم، ويظهر لنا واضحًا ميل ابن خميس إلى الشعر أكثر من النثر، ثم يختم الترجمة بذكر تاريخ وفاة صاحب الترجمة، وفي أغلب الأحيان بذكر اليوم والشهر والسنة ومكان الدفن (٣) . وفي هذا الكتاب أيضًا قصائد ونصوص نثرية كثيرة لا نجد لها ذكرًا في مصدر آخر. _________ (١) المصدر نفسه، صص. ٢٤ - ٢٥. (٢) المصدر نفسه، ص. ٢٥. (٣) المصدر نفسه، صص. ٢٥ - ٢٦.
ولكتاب ابن خميس هذا مقدمة بين فيها أهمية تدوين الأخبار وتقييد المناقب والآثار، ولكن هذه المقدمة أخلّت بها النسخة الخطية التي اعتمد عليها المحقق، وإنما وردت في كتاب "الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ" للسخاوي (١) الذي كان يملك نسخة كاملة منه، ووصفه بقوله: " وهو في مجلد لطيف على حروف المعجم " (٢) . وقد أثبت د. صلاح جَرّار هذه المقدمة في بداية النص المحقق (٣) . استمد ابن خميس معلوماته في هذا الكتاب من مصادر وتقييدات كتابية وشفوية، وهي: كتاب "الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام" لأبي العباس أصبغ بن هلي بن هشام المالقي المتوفى سنة ٥٩٢ هـ، وبعض تقييدات أبي عمرو بن سالم، ومؤلفات خاله ابن عسكر مثل كتاب "الإكمال والإتمام"، ورسالة شيخه أبي علي الرندي إلى أهل سبتة، وكتاب "طلوع الزهرة السنية في سقوط زهرة الثنية" لمحمد بن حسن البنّالي، وتاريخ ابن حمادة السبتي وابن الفرضي والرازي وابن حيان وابن الصّيْرفي وابن أبي الفيّاض وابن مزين والحميدي، و"طبقات الشعراء" لابن الفرضي، و"رجال" أبي الفضل عياض، و"قلائد العقيان" للفتح بن خاقان، و"رجال مالقة" المُؤلَّف للحكم المستنصر، و"فهرسة" ابن الباذش، وفهرسة شيوخ أبي القاسم ابن الطيلسان المسماة: "اقتطاف الأنوار واختطاف الأزهار"، و"زاد المسافر" لصفوان ابن إدريس، و"المظفّري" لابن الأفطس، وكتاب أبي الطاهر السبتي في موثّقي زمانه، و"المقامات المُحْسنيَّة" لأبي عبد الله الجوني، و"صاحب الخبر". أما المصادر التي نقلت من كتاب ابن خميس واعتمدت عليه، فمنها "صلة الصلة" لابن الزبير، و"الذيل والتكملة" لابن عبد الملك المراكشي، و"الإحاطة" و"أعمال الأعلام"، وهما للسان الدين بن الخطيب، و"الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" للسخاوي، و" جامع مختارات من الشعر المغربي والأندلسي". _________ (١) صص. ٤٩ - ٥٠. (٢) الإعلام بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ، ص. ٢٧٣. (٣) أدباء مالقة، ص. ٤٣.
وكلمة أخيرة: إن هذا الكتاب نفيس ومهم في تخصصه بمدينة مالقة، إضافة إلى أنه يقدم لنا "معلومات تفصيلية أدبية وعلمية وتاريخية كثيرة عنها، ويصوّر لنا جوانب شتى من الحياة الأدبية فيها مثل المجالس الأدبية والمعارضات الشعرية والعلاقات التي تربط بين الأدباء. والكتاب واحد من مصادر أندلسية قليلة وصلتنا واختصت بالتعريف بأعلام مدينة بعينها، كما فعل لسان الدين بن الخطيب في زمنٍ تال عندما ألف "الإحاطة في أخبار غرناطة". وقد أورد السخاوي في كتابه "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" أسماء طائفة من الأندلسيين الذين ألفوا كتبًا في التعريف بأعلام مدن أندلسية بعينها. وقد ضاع أكثر هذه الكتب ولم يصل إلينا منها سوى عددٍ قليل (١) . وأكرر القول، فأشيد بما كان للأستاذ د. صلاح جَرّار من عمل جاد ومخلص في هذا التحقيق، كما أشير بأن الكتاب سيصدر مرة أخرى هذه السنة بتقديم وتخريج وتعليق الصديق الكريم د. عبد الله المرابط الترغي - وهو من أساتيذ كلية الآداب في تطوان - عن دار الغرب الإسلامي ببيروت ودار الأمان بالرباط، تحت عنوان: "أعلام مالقة المسمّى الإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام أو مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد ما لهم من المناقب والآثار" تأليف أبي عبد الله بن عسكر وأبي بكر بن خميس. ولنا وقفة قادمة معه للموازنة بينه وبين تحقيق د. صلاح جَرَّار. _________ (١) المصدر نفسه، ص. ٧ - ٨.
اعتمد د. صلاح جَرَّار في تحقيقه لهذا الكتاب على نسخة مصوّرة عن النسخة الخطية الوحيدة التي كان يملكها الأستاذ محمد العرائشي المكناسي، ثم آلت إلى خزانة خاصة أخرى. وتقع هذه المخطوطة في ١٠٥ ورقة من الحجم المتوسط، ومعدل سطور الصفحة الواحدة تتراوح ما بين ٢٢ و٢٥ سطرًا. أما كلمات كل سطر، فتتراوح ما بين سبع كلمات وثلاث عشرة كلمة. ويتخلل الأسطر عناوين أسماء المترجم بهم بخط غليظ أحمر. وليس هناك تاريخ محدد للنسخ، ولكن لاحظ د. صلاح جَرَّار أن عبارة "أعادها الله" التي كان يثبتها الناسخ بإزاء اسم مدينة مالقة، تدل على أنها نسخت بعد سقوط مدينة مالقة سنة ٨٩٢ هـ، ولكن اختلاف الخطوط فيها يوحي بأنها لم تكتب في زمن واحد (١) . ويذكر د. قاسم أحمد السامرائي - الذي فحص أصل هذه النسخة سنة ١٩٨٨ في مكتبة خاصة في الرباط حين زار مالكها في داره برفقة د. يحيى محمود ساعاتي، وصديقه المستعرب الهولندي د. بيتر شورد فان كوننكزفيلد - أن النص كتب" بالمداد الأسود والأحمر بخط أندلسي واضح على نوعين من الكاغد، أولهما: عربي سميك يعود إلى القرن التاسع للهجرة وأوراقه قليلة، والثاني: وهو الأغلب، أوروبي أبيض يعود إلى القرن العاشر (السادس عشر للميلاد) تظهر فيه الخطوط المائية المتوازية والعلامة المائية فيه على شكل عنقود عنب. أما تسفيرها (أي تجليدها)، فهو مغربي حديث جدًّا " (٢) . والنسخة - كما يصفها د. قاسم السامرائي - مرممة ترميمًا بدائيًا سيئًا طمس الكثير من أسطر رؤوس الصفحات فأخفاها. وفي آخر النسخة نقصٌ لا يزيد على بضع ورقات، وفي داخلها نقص آخر يقع في ورقة واحدة أو اثنتين (٥) لا تزالان محفوظتين في خزانة الأستاذ الحسن السائح في الرباط، كما أخبرني بذلك الفقيه محمد المنوني شفاه الله تعالى، ولم تَعْلَق بهما يد المحقق بعد. وبالإضافة إلى ما في النسخة من محو ونقص وطمس، فإن فيها تصحيفًا كثيرًا وسقطًا وتآكلًا في بعض الكلمات والأسطر، وأخطاء لغوية وإملائية. _________ (١) أدباء مالقة، ص. ٣٠. (٢) مخطوطة أندلسية فريدة في تراجم رجال مالقة، عالم الكتب (مجلة سعودية)، مج ٩، ع ٣، محرم ١٤٠٩ هـ، ص. ٣٣٥.
ونظرًا إلى الأهمية الكبيرة لهذه المخطوطة، فقد نالت شهرة واسعة بين المعنيين بالمخطوطات والدارسين ومحققي التراث الأندلسي؛ إلا أنه لم يجرؤ أحد على تحقيقها ونشرها مع وجود أصلها (٥)، ومنتسخات خطية كثيرة عنها، وبعض النسخ من مصوراتها في الخزائن العامة والخاصة داخل المغرب وخارجه. وقد كان الفقيه محمد المنوني شفاه الله تعالى لما بلّغته خبر صدور كتاب أدباء مالقة، قال لي: في سنة ١٩٥٧، كانت نية معهد مولاي الحسن للأبحاث المغربية الأندلسية بتطوان متجهة إلى تحقيقه مشاركة مع الأستاذ محمد بن تاويت التطواني مدير المعهد آنذاك ود. محمود علي مكي. غير أن المبلغ القليل الممنوح للأستاذ محمد العرائشي المكناسي مالك المخطوطة الأصلية لهذا الكتاب حالت بين المعهد وبين المضيّ معه إلى النهاية، لذا قرّر المعهد إلقاءه من مشاريعه. كما رأيت منه نسخة مخرّجة بتحقيق د. محمد بن شريفة ولست أدري هل دفعه إلى المطبعة أولًا؟ وأول من عرّف بهذه المخطوطة وقيمتها الأدبية والتاريخية في وقت مبكّر، هو المستعرب الفرنسي ليفي بروفنسال في مقالة له بعنوان: "حول شعراء مالقة في القرن العاشر"، ونشرها في مجلة "أرابيكا"، العدد الأول، سنة ١٩٥٤، صص. ٢٨٩ - ٢٩٣. ثم تلاه المستعرب الإسباني خواكين بالبي برميخو في دراسة له بعنوان: "مصدر مهم في تاريخ الأندلس: "تاريخ ابن عسكر". وهذه الدراسة منشورة في مجلة "الأندلس"، في العدد ٣١ لسنة ١٩٦٦، صص. ٢٣٧ - ٢٦٥. وكان الذي أمَدَّهما بمصوّرة منها هو المستعرب الفرنسي جورج كولان، كما أخبرني بذلك د. محمد بن شريفة. ووجدنا بعدهما مجموعة من الدارسين قد عرَّفوا بها أيضًا. فمن هؤلاء الأستاذ محمد الفاسي في مقالة له بعنوان: "كتاب ابن عسكر وابن خميس في مشاهير مالقة"، وهي منشورة في مجلة "المناهل" التي تصدرها وزارة الشؤون القافية في الرباط في عددها ١٣ لسنة ١٩٧٨، صص. ١٢٥ - ١٣٥.
ومن هؤلاء الدارسين أيضًا الأستاذ محمد العرائشي المكناسي - الذي كان يحتفظ بنسخة فريدة من هذه المخطوطة - مقالة له بعنوان: "صفحات من المخطوط النادر: بعض أخبار فقهاء مالقة وأدبائها لابن عسكر"، ونشرها في مجلة "دعوة الحق" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الرباط، في العدد ٢، السنة ٢٣، جمادى الأولى ١٤٠٢ هـ/ أبريل ١٩٨٢، صص. ١١٠ - ١١٤. وفي هذا المقال أعلن الأستاذ العرائشي عن نية تحقيقه لهذه المخطوطة، إلا أن هذا الأمل لم يتحقق. يقول: يسميه بعضهم "تاريخ مالقة"، والبعض الآخر "تاريخ ابن عسكر"، وهو مخطوط نادر، وتحفة أدبية تاريخية، لم يسبق له أن نشر أو عثر على نسخة أخرى في خزانة من الخزانات؛ إذ بعد البحث المتواصل، انتهيت إلى أنه لا وجود لنسخة ثانية من هذا المخطوط، سوى تلك النسخة الفريدة التي تعتز خزانتي باحتضانها. ومنذ أن قدمت هذا المخطوط لجائزة الحسن الثاني للمخطوطات [سنة ١٩٧٠ التي تنظمها وزارة الشؤون الثقافية بالرباط] (١)، وأنا منهمك في تصحيحه وجمع شتاته. وبمجرد فراغي من تصحيح القسم الأول منه، سأقدمه للطبع عندما تتيسر أسبابه بإذن الله تعالى. ونظرًا لكوني أمتلك النسخة الأصلية، وهي النسخة الوحيدة الموجودة منه كما ذكرت آنفًا، فإني أحتفظ بجميع حقوقي القانونية فيما يرجع للنشر؛ وكل من قام بعمل يتنافى وتلك الحقوق، فإنني أعتبره مختلسًا ومعتديًا على حقوق الغير بدون موجب. أما التعريف بالمخطوط في المجلات والصحف، فإنني لا أمانع فيه (٢) . غير أن أدق تعريف - على إيجازه - قرأناه عن هذه المخطوطة هو تعريف الأستاذ الخبير بالمخطوطات، قاسم أحمد السامرائي في مقالة له بعنوان: "مخطوطة أندلسية فريدة في تراجم رجال مالقة" منشورة في مجلة "عالم الكتب" السعودية (مجلد ٩، عدد ٣، محرم ١٠٤٩ هـ، صص ٣٣٥ - ٣٣٦) . _________ (١) استخرج الفقيه محمد بوخبزة نسخة أخرى منه بخطه، وحصل بها على جائزة الحسن الثاني للمخطوطات سنة ١٩٨٩. (٢) ص. ١٠، هامش رقم ١.
وآخر من عرّف بهذه المخطوطة هو الأستاذ د. عبد الله المرابط الترغي في مقالة له بعنوان: "سبتة من خلال أعلام مالقة"، وهي منشورة في مجلة كلية الآداب بتطوان، العدد الخاص بندوة سبتة: التاريخ والتراث، السنة ٣، ع ٣، ١٤١٠ هـ/ ١٩٨٩ م، صص. ١٣٥ - ١٦١. وفيها يقول: ورغم أن الكتاب يتعلق بمالقة وأخبار أهلها والتعريف برجالها، فإنه لم يخل من ذكر بعض البلاد الأخرى وعرض أخبار رجالها، ولا سيما البلاد القريبة من مالقة كسبتة في عدوة المغرب. وتبرز سبتة على أكثر من واجهة بين مواد كتاب أعلام مالقة، فهي تبرز ضمن واجهة تراجم الرجال المعرَّف بهم سواء أكانوا سبتيين أم من بلاد غيرها. وتبرز على واجهة المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في جمع مواد كتابه. وأخيرًا تبرز وبشكل لافت للنظر ضمن النصوص الأدبية التي تخص سبتة أو ترتبط بأي صنف من أصناف العلاقة التي تجمع بين الأدباء في كل من سبتة ومالقة (١) . كما اعتمد عليها نفر من محققي التراث الأندلسي، مثل الفقيه محمد المنوني في كتابه "العلوم والآداب والفنون على عهد الموحدين"، ود. محمد بن شريفة في تحقيقه لبعض أجزاء "الذيل والتكملة" لابن عبد الملك المراكشي، وكتابه: "أبو المُطرِّف أحمد بن عَمِيرَة المخزومي حياته وآثاره"، ود. إحسان عباس في تحقيقه لشعر أبي عبد الله الرّصافي البلنسي وبعض أجزاء "الذيل والتكملة"، والأستاذ إبراهيم بن مراد في تحقيقه لكتاب "مختارات من الشعر المغربي الأندلسي" تنشر لأول مرة، ود. صلاح جَرَّار في تحقيق لشعر مَرْج الكُحْل الشُّقرِي، ود. عبد السلام الهراس والشيخ سعيد أعراب في تحقيقهما لبعض أجزاء "صلة الصلة" لابن الزبير، ود. محمود ومحمد عبد الرحمن خياري في رسالته للدكتوراه: "رسائل موحدية جمعًا وتحقيقًا ودراسة"، والمستعربان الإسبانيان ماريا إيزابيل كاليروسكال وفيرخيليو مارتينز اينمورادو في كتابهما "مالقة مدينة الأندلس" ... وآخرون. فما السبب في تردُّد وعزوف الدارسين عن تحقيقها ونشرها؟ _________ (١) ص. ١٤١.
يجيب د. صلاح جرَّار، فيقول: " لعل مصدر هذا التردد هو ما يعتور المخطوطة من نقص في أولها ووسطها وآخرها، وما لحق بعض صفحاتها من تلف، وما أصاب بعض سطورها وعباراتها من طمس ومحو، وما يشوب المخطوطة نفسها من تصحيف وسقط وتقديم وتأخير وخلل، مما يجعل من قراءتها أمرًا شاقًّا، ولا سيما أن نسخة هذه المخطوطة فريدة ولا يوجد نسخة ثانية لمقابلتها بها " (١) . غير أن مثل هذه العوائق ليس مما يُعجز الأستاذ المحقق د. محمد بن شريفة على سبيل المثال، ولذلك يبدو أن سببًا آخر حال دون نشره هذا الكتاب دون شك. وفي هذا المجال أفادني د. علي لغزيوي أن ما حال دون إقدام د. محمد بن شريفة على إخراج الكتاب، على الرغم من نيته القوية، يرجع في الغالب إلى ما كان قد ذكره الأستاذ محمد العرائشي في مقالته المشار إليها، من احتفاظه بحقه في متابعة كل من يُقدم على إخراج الكتاب ونشره بحكم كونه هو المالك الحقيقي الوحيد للنسخة الأصلية منه. ونظرًا لأهمية مدينة مالقة - وهي من أعمال كورة ريّة في الأندلس - موضوع هذه المخطوطة، فقد حظيت بعدة تواليف في تراجم أعلامها، مثل: ١ - فقهاء ريّة لقاسم بن سعدان المتوفى سنة ٣٤٧ هـ؛ ٢ - رجال مالقة المُؤلَّف للحكم المستنصر؛ ٣ - تاريخ مالقة لأبي عبد الحميد إسحاق بن سلمة القَيْنِي؛ ٤ - كتاب في المشهورين من أعلام مالقة لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري؛ ٥ - الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام لأبي العباس أصبغ بن علي بن هشام المالقي المتوفى سنة ٥٩٢ هـ (٢)؛ _________ (١) أدباء مالقة، ص. ٧. (٢) ختم أسبغ بن أبي العباس كتابه في أعلام مالقة بترجمة أبي محمد ابن الأصم المنْشِي أو المنشري المتوفى سنة ٥٩٨. (انظر: الذيل والتكملة، س ٥، ق ١، ص. ٧٧) .
٦ - الإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام لأبي عبد الله محمد بن علي بن خضر بن هارون الغسَّاني المشهور بابن عسكر المتوفى سنة ٦٣٦ هـ (١) . وهذا الكتاب هو صلة وتتميم لكتاب أصبغ؛ ٧ - ذيل أو تذييل تاريخ مالقة لأبي الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الجُذامي البُنّاهي المالقي كان حيًّا سنة ٧٩٣ هـ. ويبدو أن هذا الكتاب تذييل على كتاب ابن عسكر وابن خميس الآتي ذكره، ولم نقف على ذكره إلا عند ابن الخطيب (٢) . ٨ - أما الكتاب الثامن - من الكتب التي وضعت في التعريف بأعلام مدينة مالقة وأدبائها وفقهائها - فهو كتاب ابن خميس الذي ينشر لأول مرة بتحقيق د. صلاح جرَّار، وهو تتمة وتكملة لكتاب خاله ابن عسكر السابق. يقول السخاوي عن ابن خميس في سياق حديثه عن مدينة مالقة: وعمل أبو عبد الله محمد بن علي بن خضر بن عسكر الغسّاني لها تاريخًا لم يكمله، فأكمله ابن أخته أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن خميس، وسماه "مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد ما لهم من المناقب والآثار" (٣) . وقد فهم المحقق" من هذا النص أن ابن خميس هو الذي اختار هذا العنوان للكتاب وليس ابن عسكر حسب قول ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة"، وابن الخطيب في "الإحاطة" اللذين جعلا كتاب "مطلع الأنوار" عنوانًا آخر لكتاب "الإكمال والإتمام" لابن عسكر " (٤) . _________ (١) له كتاب آخر ذيّل فيه كتاب السهيلي، عنوانه: "التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام"، حققه وقدم له حسن مروة، وصدر عن دار الفكر المعاصر ببيروت ودار الفكر بدمشق، الطبعة الأولى سنة ١٤١٨ هـ/ ١٩٩٧ م، كما حققه الباحث حسين عبد الهادي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام ١٤٠٤ هـ، ونال به درجة الدكتوراه. (٢) انظر مقال الدكتور محمد بن شريفة: "البُنّاهي لا النُّباهي" مجلة الأكاديمية، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، العدد ١٣، سنة ١٩٨٨، ص. ٧٨، ٨١؛ والإحاطة في أخبار غرناطة، ج ٣، ص. ٤٦، ١٩٣؛ ج ٤، ص. ٢٦٣. (٣) الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ، ص. ٢٧٢. (٤) المصدر نفسه، ص. ١٨.
وفي رأيه "أن ابن عسكر سمى كتابه "الإكمال والإتمام ... " وأن ابن خميس سمى تتمته لذلك الكتاب "مطلع الأنوار ... " (١) . وتسمِّي المصادر كتاب ابن خميس: "تاريخ مالقة"، و"التتميم"، و"التكملة" و"أدباء مالقة". أما العنوان المثبت على غلاف مخطوطة هذا الكتاب، فهو: "كتابٌ جُمعَ فيه بعض فقهاء مالقة وأدباؤهم". وهذه كلها تسميات صحيحة لكتاب ابن خميس. ويؤكد المحقق" أن ما وضعه أصبغ بن أبي العباس وأبو عبد الله بن عسكر وأبو بكر بن خميس هي كتبٌ ثلاثة مستقلة وليست كتابًا واحدًا، وإن كان اللاحق منها يتمم السابق. وقد اختار كل واحد من هؤلاء المؤلفين الثلاثة عنوانًا لكتابه " (٢) . ومن الأدلة التي ساقها المحقق على أن ما وضعه ابن خميس هو كتاب مستقل عما وضعه سابقاه: ١ - أن ابن خميس قد نقل في كتابه مرارًا من كتاب ابن عسكر وكتاب أصبغ. فلو كانت هذه الكتب كتابًا واحدًا، لما احتاج ابن خميس إلى تكرار ما ذكره وأورده سابقاه؛ ٢ - لو كان ما أضافه ابن خميس جزءًا من كتاب ابن عسكر، لما وضع ابن خميس له عنوانًا، ولما فرّقت المصادر في نقلها عن ابن خميس وابن عسكر بينهما؛ ٣ - لو كان ما قام به المؤلفان كتابًا واحدًا، لوصلنا بجزئيه أو لضاع بجزئيه. أما أن يضيع الجزءُ الذي وضعه ابن عسكر ويصلنا الجزء الذي وضعه ابن خميس، لذلك دليل على استقلال كل من العملين عن الآخر (١٦) . ويخلص د. صلاح جرَّار من ذلك إلى أن كتاب "مطلع الأنوار" لابن خميس هو كتاب مستقل عن كتاب ابن عسكر، وإن كان يتمّم ما بدأه ابن عسكر. وإنما قام ابن خميس بتأليف هذا الكتاب، وفاء وتقديرًا لخاله وأستاذه ابن عسكر. ويظهر هذا الوفاء لخاله جليًّا من خلال الترجمة المطوّلة التي خصّه بها في كتابه واستغرقت نحو إحدى وعشرين صفحة (٣) ... وهي أطول ترجمة في الكتاب (٤) . ولم يقف المحقق على ترجمة لابن خميس في أي من المصادر التي رجع إليها في تحقيق هذه المخطوطة. وقد جمع بعض أخباره من خلال كتابه هذا، وبعض الإشارات القليلة جدًّا الواردة في بعض المصادر. _________ (١) المصدر نفسه، ص. ١٩. (٢) المصدر نفسه، ص. ٢١. (٣) المصدر نفسه، ص. ١٦٤ - ١٨٤ن رقم ٥٠. (٤) المصدر نفسه، ص. ٢١ - ٢٢.
وينبه المحقق إلى" أن آخر تاريخ وفاة ورد في كتاب ابن خميس هو سنة وفاة أبي عبد الله محمد بن عيسى بن مع النصر المومناني، وهي سنة ٦٣٨ هـ. ويذكر السخاوي أن كتاب ابن خميس قد انتهى في سنة تسع وثلاثين وستمائة. مما يعني أن ابن خميس كان حيًّا في هذه السنة " (١) . ولهذا الكتاب فوائد جمّة. فهو أولًا مصدر أدبي وتاريخي أندلسي له مكانته المرموقة في المكتبة الأندلسية، إذ يشتمل على تراجم ثلاثة وسبعين ومائة علمٍ من أعلام مدينة مالقة والطارئين عليها. وقد حذا فيه ابن خميس" حذو أستاذه ابن عسكر في ترتيب كتابه ترتيبًا هجائيًا حسب الترتيب المغربي، وبدأ من حيث انتهى أستاذه. فقد وصل أستاذه إلى أول حرف الميم، فترجم ابن خميس للأعلام التي تبدأ بحرف الميم، ثم حرف الصاد، فالعين، فالغين، فالقاف، فالسين، فالشين، فالهاء، فالياء. وهذا يعني أن الأحرف الأولى ... كانت من نصيب ابن عسكر؛ ولذلك لا نجد تراجم تبدأ بهذه الحروف في كتاب ابن خميس " (٢) . ويمتاز هذا الكتاب بكثير من التراجم مما لا نعثر عليه في مصدر آخر سواه، كما أنه انفرد بمعلومات كثيرة من الأعلام التي لها تراجم في مصادر أخرى. وتشمل تراجم هذا الكتاب: الخلفاء والرؤساء والأدباء والشعراء والفقهاء والمدرّسين، وغيرهم من طبقات الأعلام. أما منهج ابن خميس في الترجمة لأعلامه، فهو يقوم على ذكر اسم العلم كاملًا، ثم كنيته، ثم بلده مبيّنًا إن كان من مالقة أو من أحد أعمالها أو طارئًا عليها. ثم يسوق لنا أسماء شيوخه وتلاميذه ورحلاته ومؤلفاته وأهم الوظائف التي شغلها، ثم يسوق لنا نماذج من شعره ونثره. وغالبًا ما يطيل في إيراد أشعار المشاهير ورسائلهم، ويظهر لنا واضحًا ميل ابن خميس إلى الشعر أكثر من النثر، ثم يختم الترجمة بذكر تاريخ وفاة صاحب الترجمة، وفي أغلب الأحيان بذكر اليوم والشهر والسنة ومكان الدفن (٣) . وفي هذا الكتاب أيضًا قصائد ونصوص نثرية كثيرة لا نجد لها ذكرًا في مصدر آخر. _________ (١) المصدر نفسه، صص. ٢٤ - ٢٥. (٢) المصدر نفسه، ص. ٢٥. (٣) المصدر نفسه، صص. ٢٥ - ٢٦.
ولكتاب ابن خميس هذا مقدمة بين فيها أهمية تدوين الأخبار وتقييد المناقب والآثار، ولكن هذه المقدمة أخلّت بها النسخة الخطية التي اعتمد عليها المحقق، وإنما وردت في كتاب "الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ" للسخاوي (١) الذي كان يملك نسخة كاملة منه، ووصفه بقوله: " وهو في مجلد لطيف على حروف المعجم " (٢) . وقد أثبت د. صلاح جَرّار هذه المقدمة في بداية النص المحقق (٣) . استمد ابن خميس معلوماته في هذا الكتاب من مصادر وتقييدات كتابية وشفوية، وهي: كتاب "الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام" لأبي العباس أصبغ بن هلي بن هشام المالقي المتوفى سنة ٥٩٢ هـ، وبعض تقييدات أبي عمرو بن سالم، ومؤلفات خاله ابن عسكر مثل كتاب "الإكمال والإتمام"، ورسالة شيخه أبي علي الرندي إلى أهل سبتة، وكتاب "طلوع الزهرة السنية في سقوط زهرة الثنية" لمحمد بن حسن البنّالي، وتاريخ ابن حمادة السبتي وابن الفرضي والرازي وابن حيان وابن الصّيْرفي وابن أبي الفيّاض وابن مزين والحميدي، و"طبقات الشعراء" لابن الفرضي، و"رجال" أبي الفضل عياض، و"قلائد العقيان" للفتح بن خاقان، و"رجال مالقة" المُؤلَّف للحكم المستنصر، و"فهرسة" ابن الباذش، وفهرسة شيوخ أبي القاسم ابن الطيلسان المسماة: "اقتطاف الأنوار واختطاف الأزهار"، و"زاد المسافر" لصفوان ابن إدريس، و"المظفّري" لابن الأفطس، وكتاب أبي الطاهر السبتي في موثّقي زمانه، و"المقامات المُحْسنيَّة" لأبي عبد الله الجوني، و"صاحب الخبر". أما المصادر التي نقلت من كتاب ابن خميس واعتمدت عليه، فمنها "صلة الصلة" لابن الزبير، و"الذيل والتكملة" لابن عبد الملك المراكشي، و"الإحاطة" و"أعمال الأعلام"، وهما للسان الدين بن الخطيب، و"الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" للسخاوي، و" جامع مختارات من الشعر المغربي والأندلسي". _________ (١) صص. ٤٩ - ٥٠. (٢) الإعلام بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ، ص. ٢٧٣. (٣) أدباء مالقة، ص. ٤٣.
وكلمة أخيرة: إن هذا الكتاب نفيس ومهم في تخصصه بمدينة مالقة، إضافة إلى أنه يقدم لنا "معلومات تفصيلية أدبية وعلمية وتاريخية كثيرة عنها، ويصوّر لنا جوانب شتى من الحياة الأدبية فيها مثل المجالس الأدبية والمعارضات الشعرية والعلاقات التي تربط بين الأدباء. والكتاب واحد من مصادر أندلسية قليلة وصلتنا واختصت بالتعريف بأعلام مدينة بعينها، كما فعل لسان الدين بن الخطيب في زمنٍ تال عندما ألف "الإحاطة في أخبار غرناطة". وقد أورد السخاوي في كتابه "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" أسماء طائفة من الأندلسيين الذين ألفوا كتبًا في التعريف بأعلام مدن أندلسية بعينها. وقد ضاع أكثر هذه الكتب ولم يصل إلينا منها سوى عددٍ قليل (١) . وأكرر القول، فأشيد بما كان للأستاذ د. صلاح جَرّار من عمل جاد ومخلص في هذا التحقيق، كما أشير بأن الكتاب سيصدر مرة أخرى هذه السنة بتقديم وتخريج وتعليق الصديق الكريم د. عبد الله المرابط الترغي - وهو من أساتيذ كلية الآداب في تطوان - عن دار الغرب الإسلامي ببيروت ودار الأمان بالرباط، تحت عنوان: "أعلام مالقة المسمّى الإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام أو مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد ما لهم من المناقب والآثار" تأليف أبي عبد الله بن عسكر وأبي بكر بن خميس. ولنا وقفة قادمة معه للموازنة بينه وبين تحقيق د. صلاح جَرَّار. _________ (١) المصدر نفسه، ص. ٧ - ٨.
نامعلوم صفحہ