وأيضا فنقول: كل مال مأخوذ كرها فلا يصح أخذه من صاحبه، إلا أن يكون الأخذ واجبا، كالزكاة من مانعها، والدين مما هو في ذمته، وقيم المتلفات من الغصاب والمعتدين، وليس في الشريعة إكراه على جائز على أخذ المال، فلا يجب الإكراه أبدا، إلا فيما كان فيه واجبا حقا. وهذا الإكراه لم يقل به أحد من الأئمة بوجه، فوجب أن يكون باطلا، لان اللزم المساوي له الوجوب، ويلزم من نفي اللزم المساوي نفي مساويه. وإنما أوردنا هذا السؤال والجواب، لان هذا المفتي أراد أن يضعف هذا الاجماع بما يخيل في السؤال، وهيهات !فلا تبطل الحقيقة بالخيال.
وكذلك قال: أن هذا بناء على أن الاجماع يكون ناسخا، والاجماع لاينسخ ولاينسخ به(¬1). وهذا الكلام هنا في غاية العجب، فإنه قال في حكاية الاجماع: انعقد الاجماع على النسخ أو على أنه لايجب، وإنما يعني انها منسوخة عند جميع العلماء، لا أن الاجماع ناسخ. نعم، إجماع العلماء تضمن ناسخا، لانهم لايجمعون إلا عن دليل. وإلى متى تمن النفس على أن هذه المسائل المسؤول عنها لا يحل لمجتهد كهذا فضلا عمن لم يصل إلى درجة الاجتهاد أن يستدل، ولا أن يستنبط حكما فيها، لوجود أحكام الله ورسوله فيها نفيا وإثباتا.
فان قلت: وقد سبق من كلامه أن الاجتهاد في مثل هذا غير معقول بما معناه.
قلت: الاجتهاد عبارة عن بذل من له أهلية الاجتهاد جهده، وإفراغه وسعه في طلب الحكم الشرعي(¬2). فإذا كان الحكم حاصلا، فكيف يطلب ما هو حاصل؟
صفحہ 130