وكذلك جميع وقائع الصحابة رضي الله عنهم كلما شرعوا في الاجتهاد فعرفوا النص أقصروا عن النظر، ووقفوا عندما نقل عنه صلى الله عليه وسلم من الخبر. وجاء عن رسول الله صلى اله عليه وسلم "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، وأعظمهم على أمتي قوم يقيسون كلامه بآرائهم، فضلوا وأضلوا(¬1). حمل الحديث علماء الأصول على من اجتهد بالقياس في معارضة النص، فمن باب أحرى من عارضه بالمصالح المرسلة !
وفي رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وهي التي نقلها عدة من نقلة الأخبار(¬2)، واتخذها الحكام عمدة في الأحكام، إليها يرجعون وعليها ويعولون. ولنقتصر على موضع الحاجة منها، طلبا للاختصار، ورفقا بالطباع التي لاتتحمل الإكثار. قال له فيها رضي الله عنه: "الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة، ثم أعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور بعضها ببعض، وأعمد إلى أقربها إلى الحق وأشبهها بالصواب،(¬3)فها هو هذا رضي الله عنه إنما أباح له القياس والاجتهاد عند فقد النظر من الكتاب والسنة، وإذا خرج القياس مع وجود الحكم فيهما، وهو دليل عند أكثر الأمة والأئمة، فكيف بالمصالح المرسلة التي هي بالعكس منه.
صفحہ 116