مطالع التمام
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
اصناف
أما الأول: فإن هذا الواقع مايعلم انه صدرت به فتيا أمام للمتعاطين لذلك من أهل السياسات الجبروتية، إنما يتعاطون ذلك بحسب آرائهم، ومثلهم، ولو صادف الصواب لايخرج على أفعالهم ولا أقولهم، ولا تخرج أفعالهم وأقوالهم، ولاتكون عليهم حجة بإجماع المسلمين.
اختلف الناس في عمل أهل المدينة في القرن الأول على ساكنها السلام وهو من القوة على ما لايخفى، فمابالك بعمل غيرهم ومن ليس من أهل العلم، ولا يتوقف في سياستهم على فتيا أهل العلم، في القرن التاسع، بل ربما في تلك الامور (67=217/ب) بأنفسهم من غير مشورة الخليفة، وفي غالب الأمر مايصنعونه إلا إذا إيهاما على الأوهام القاصرة التي لاتعرف حقائق أمورهم، وإلا فالمتولون لذلك في غالب الأمر ما يصنعونه إلا إذا إيهاما على الأوهام القاصرة التي لاتعرف حقائق أمورهم، وإلا فالمتولون لذلك في غالب الأمر يومنون أهل المفاسد من البغاء والقمار ونحوها بما يأخذون منهم، حسبما يعلم هذا المملي أتم علم وغيره. وقد بلغني عن بعض أئمة الهدى أنه بلغه أن بعض الأمراء ورفعت إليه مسألة فصادف فيها الصواب من مقالات العلماء فزجره ذلك الإمام واشتد غضبه عليه وقال له: من اذن لك أن تتعاطى ما ليس لك من الاحكام الشرعية، وما ليس لك مراده. فسئل الامام عن ذلك وقيل له: فما هذا الانكار وقد صادف الحق، فقال: أخاف أن يتغير فيحكم بهواه بالباطل.
وأقول: أن مثل هذا من المنكر المحرم نصا وإجماعا، أعني الحكم على جهل، سواء صادف الحق أو لم يصادف، لحديث "القضاة ثلاثة: قاضي في الجنة، وقاضيان في النار"، وفيه أن أحد القاضين اللذين في النار: رجل قصى على جهل(¬1). فهذا إذن قد انكر المنكر، فلا ينبغي استحسانه ولا السكوت عنه، فضلا عن تخريجه على الشريعة.
صفحہ 256