مطالع التمام
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
اصناف
الخامس: من وجوه الكلام على الاستدلال على العقوبة بالمال بحديث الصحفة (57=212/ب) أن نقول أن المال لكاسرة الصحفة، فليس ذلك من قبيل الحكم، بل إنما الكاسرة اختارت ذلك وطلبته من النبي صلى الله عليه وسلم على معنى التكفير لما فعلت، بدليل ما خرجه أبو داود والنسائي من قولها للنبي صلى الله عليه وسلم: ما كفارة ماصنعت؟، فسألت النبي عن كفارته.
السادس: من الدليل أيضا على أنه ليس بحكم، قول النبي صلى الله عليه وسلم: إناء كإناء وطعام كطعام، وإن كان الطعام والإناء ملكا لصفية أو لأم سلمة رضي الله عنهما فقد خرجت عن الطعام ببعثه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة رضي الله عنها وإن كانت العادة تقتضي رد الصحفة، فإنها لا تقتضي رد الطعام، ومع ذلك قال صلى الله عليه وسلم: وطعام كطعام. ولذلك بعثت صحفتها، ولم يذكر أنها بعثت طعاما. وما ذلك إلا لأن الطعام لم يبق فيه حق لمن كسرت صحفتها بوصوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وما صار إخراج عائشة الطعام إلا على معنى الكفارة، والقاعدة تقتضي أن طعام الكفارة للفقراء، فلذلك والله أعلم لم تبعث الطعام في الصحفة.
السابع: أنه صلى الله عليه وسلم قد ضم الطعام وأمر من كان معه من أصحابه بأكله، فلم يتلف الطعام، وهذا ما يبين أن إلزام الطعام ليس على معنى الحكم.
الثامن: سلمنا أن الطعام والصحفة لمن بعثه، وأن هذا ليس على معنى الصلح، بل على معنى الحكم ، فهو من باب ضمان المتلف لا من باب عقوبة الجناة بالمال، كما توهمه المستدل. والدليل على ذلك أن البخاري رحمه الله ذكره في كتاب المظالم وترجم عليه: باب ما إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره، يعني ماذا يحكم به على المتلف في ذلك عوضا عن ذلك.
صفحہ 231