مطالع التمام
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
اصناف
ثم أقول: هذا وإن صح، فلا متمسك فيه للمعنى المقصود من هذا الإملاء، وهو توظيف الأموال على الجناة، فإنه ليس منها. وإن أريد الاستدلال به على فساد الثلث في صلاح الثلثين أيضا، فليس منه. وان أريد الاستدلال على المصالح المرسلة، فمالك وان كان يقول بها، فليس هذا منها ، لأن المرسل ما لم يعتبر. وإقامة الحد إذا أدى إلى إضرار الغير، الحكم بتأخيره له شاهد من تأخير حد الحامل والمرضع إذا خيف ضياع الولد. وكذلك إذا كان الحد يقضي إلى ما لم توجبه الجناية، فإنه يؤخر أن رجي زوال المانع بالتأخير، ويسقط أن لم ترج. فالاول: كمن سرق في شدة البرد فخيف عليه الموت في القطاع، واختلف في شدة الحر على أنه متلف أو لا. والثاني: المرض المخوف، والضعيف الجسم يخاف عليه الموت، يسقط الحد، ويعاقب ويسجن، وان كان القطاع عن القصاص، رجع إلى الدية. وكذلك من وجب عليه حدان، فخيف عليه من جمعهما، ونحو ذلك.
قال: ومن هذا المعنى: إذا بعث القاضي رجلا لسجن، ويعلم أنه لايوصل إليه إلا بالدراهم، وقال: لابد للقضاة من هذا.
أقول: هذا هو الفرع الذي احتج به المملي المذكور في المجلس الذي كان أصل هذه المسألة على جواز العقوبة بالمال، وهو في غاية السقوط عن درجة الاستدلال. لان القاضي إنما حكم بالسجن على من وجب عليه السجن لمن وجب له، ولم يحكم بغرم الدراهم، ولا أمر به، ولا يقدر على منع المظلومين أن كانت الدراهم تؤخذ منهم في ذلك ظلما. وان كان المراد أجرة موصلة إلى السجن فالأول أن أجرة العون في ذلك وغيره من بيوت الأموال، فإن لم يفعل من هي بيده، كانت أجرته على القاضي، فإن لم يفعل أو تعذر عليه، كانت على رب الحق.
قال: وكذلك من لد وبعث له الأعوان، ان اجارته عليه.
صفحہ 191