إذا لم يستعمل استعمال المصدر كقولك: سمعت كلام زيد، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ ونحو ذلك. فإن استعمل استعماله، كقولك: كلمت زيدًا كلامًا. فاختلفوا فيه، كما قاله ابن الخباز فى شرح الجزولية، فقيل: إنه مصدر لأنهم أعملوه، فقالوا: "كلامى زيدًا حسن". . وقيل: إنه اسم مصدر، ونقله ابن الخشاب فى شرح جمل الجرجانى المسمى بـ "المرتجل عن المستفيد". والدليل على أنه اسم مصدرى: أن الفعل الماضى المستعمل من هذه المادة أربعة:
الأول: "كلّم" ومصدرها التكليم، كقوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ (١) - وكذلك الكلام بكسر الكاف وتشديد اللام، كقوله تعالى: ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾ (٢) كذا قاله الجوهرى، ومقتضى كلامه أن الثانى مقيس ولكن نصر النحاة على خلافه.
الثانى: "تكلم"، ومصدره التكلم بضم اللام.
ومنه ما أنشده الخشاب: وننم بالأفعال لا بالتكلم.
الثالث: "كالم" ومصدره المكالمة، وكذا الكلام بكسر الكاف والتخفيف، كضارب مضاربة وضرابا، إلا أن الثانى لا ينقاس.
الرابع: "تكالم" ومصدره تكلمًا بضم اللام. فظهر بذلك أنه ليس مصدرًا بل اسم مصدر. ولم يتعرض فى "الارتشاف" لهذا الخلاف. ولمّا كان مقصود النحاة إنما هو البحث فى الألفاظ - ترجموا الكلام لا التكليم والتكلم والمكالمة ونحوها؛ لأنها مصادر، مدلولها توجيه الكلام إلى المستمع أو من فى حكم المستمع: كالنائم والساهى، يقال: كلمّه يكلمه تكليمًا، أى وجه الكلام إليه يوجهه توجيهًا.
فإن قيل: فما الفرق بين المصدر واسم المصدر؟ قلنا: فرّق "ابن يعيش" وغيره