245

مطالع الأنوار على صحاح الآثار

مطالع الأنوار على صحاح الآثار

تحقیق کنندہ

دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث

ناشر

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1433 ہجری

پبلشر کا مقام

دولة قطر

ويدل على صحة هذا التأويل ما وقع لبعض الرواة في كتاب ليلة القدر: "اعْتَزَلَ فِرَاشَهُ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ". قال القابسي: كذا في كتب بعض أصحابنا. قال ابن قتيبة: وهذا من لطيف الكناية عن اعتزال النساء.
والتأويل الثاني: أنه كناية عن الجدِّ في العمل، والعبادة والتشمير لذلك، والتأهب له.
قول أنس: "أَزَّرَتْنِي بِبَعْضِهِ، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ" (١) أي: جعلت من بعضه إزارًا لأسفلي، ومن بعضه رداءً لأعلى بدني، وهو موضع الرداء. وتأول بعض الناس قوله: "وَرَدَّتْنِي بِبَعْضَهِ" أنه من الردّ، أي: ردتني ببعض ذلك الخبز، يعني: ردت جوعه وحاجته إليه، وتعلق نفسه به، وليس هذا التأويل بشيء.
قوله سبحانه: "الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي" (٢) هو مثل قوله: "إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ" (٣) وهو من مجاز لسان العرب، وبديع استعاراتها، يكنّون عن الصفة اللازمة بالثوب، يقولون: شعار فلان الزهد، ولباسه التقوى. فالمراد ها هنا - والله أعلم - أنها صفاته اللازمة له،

(١) مسلم (٢٤٨١) ولفظه: "أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِي بِنِصْفِهِ".
(٢) في (س، د): "الكبرياء إزاري"، والمثبت من (أ)، وبهذا اللفظ رواه أبو داود (٤٠٩٠)، وابن ماجه (٤١٧٤)، وأحمد ٢/ ٢٤٨ و٣٧٦ و٤١٤ و٤٢٧ و٤٤٢ عن أبي هريرة، ورواه ابن ماجه (٤١٧٥) عن ابن عباس. والحديث رواه مسلم (٢٦٢٠) لكن بلفظ: "الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤه" عن أبي هريرة وأبي سعيد، وهو اللفظ الذي ذكره القاضي في "المشارق" ١/ ٨٧.
(٣) مسلم (١٨٠) عن عبد الله بن قيس، ورواه البخاري أيضا (٤٨٧٨، ٧٤٤٤) بلفظ: "رِدَاءُ الكِبْرِ".

1 / 248