وإن لم يكن له وجود البتة ، استحال القول بأن الواقع بالفاعل والجاعل هو هو ، فثبت بما ذكرنا : أنه يمتنع القول بأن تأثير الفاعل في الماهية ممتنع ، ويمتنع القول بأن تأثيره في الوجود ، ويمتنع القول بأن تأثيره في موصوفية الماهية بالوجود.
وأما القسم الرابع : (1) وهو بيان أنه لما ظهر بطلان الأقسام كان القول بالتأثير والمؤثر باطلا ، فتقريره : أن ذلك الأثر لما كان غنيا في ماهيته عن المؤثر ، وكان غنيا في وجوده عن المؤثر ، وكان غنيا في اتصاف ماهيته بوجوده عن المؤثر ، كانت هذه الماهية الموجودة غنية عن المؤثر والفاعل. لأنه متى حصلت الماهية ، وحصل الوجود ، وحصلت موصوفية الماهية بالوجود ، فقد حصلت الماهية الموجودة بدون هذا المؤثر ، وهذا الفاعل. وإذا كان كذلك كانت هذه الماهية الموجودة غنية عن المؤثر. وذلك هو المطلوب.
الشبهة السادسة : المحكوم عليه بالافتقار والحاجة ، إما أن يكون بسيطا ، وإما أن يكون مركبا ، والقسمان باطلان ، فالقول بالحاجة باطل ، أما الحصر فظاهر ، وإنما قلنا : إنه ممتنع أن يكون المحكوم عليه بالافتقار والحاجة بسيطا ، وذلك لأن البسيط حقا لا يعرض له الإمكان ، لأن من المعلوم بالضرورة أنه يستحيل الحكم على الشيء بأنه يمكن أن يكون هو هو ، فيستحيل أن يقال السواد يمكن أن يكون سوادا ، بل يقال السواد يمكن أن يبقى ، ويمكن أن يحدث ، إلا أن ذلك إنما يصح لأن المفهوم [من السواد] (2) مغاير للمفهوم من كونه باقيا وحادثا ، فأما أن يقال : السواد يمكن أن يكون سوادا ، فهذا غير معقول. فثبت أن الإمكان لا يعرض البتة للحقائق البسيطة ، ولما ثبت أنه لا علة للحاجة إلا الإمكان ، وثبت أن حصول الإمكان في البسائط ممتنع [بذلك] (3)، ثبت أن حصول الحاجة في البسائط ممتنع. وإنما قلنا : إن
صفحہ 98