وهي متقدمة على حصول هذا الاحتياج والافتقار [وأما الواقع بالفاعل والمؤثر فهو الوجود ، وهو متأخر بالرتبة عن حصول هذا الافتقار] (1)؟ لأنا نقول : الماهية من حيث هي هي ، إما أن تكون مفتقرة الى المؤثر ، أو لا تكون ، فإن كانت مفتقرة إلى المؤثر لزم تقدمها على الافتقار وتأخرها عنه على ما بيناه ، فيعود الخلف ، وإن لم تكن مفتقرة إلى المؤثرة ، كان المفتقر إلى المؤثر هو الوجود فقط ، أو موصوفية الماهية بالوجود ، وعلى التقديرين فيلزم منه حصول التقدم والتأخر معا وهو محال.
الشبهة الخامسة : المفتقر إلى المؤثر يمتنع [أن يكون] (2) هو الماهية ، [ويمتنع أن يكون هو الوجود] (3) ويمتنع أن يكون هو موصوفية الماهية بالوجود ، وإذا امتنعت الأقسام الثلاثة ، امتنع كون الماهية مفتقرة إلى المؤثر. فيفتقر في تقرير هذا الكلام إلى إثبات أقسام (4) أربعة :
الأول : قولنا : إنه يمتنع أن يكون المفتقر إلى المؤثر هو الماهية. وبيانه من وجهين :
الأول : إن كل ما [كان بالغير ، فإنه يجب أن يرتفع عند ارتفاع عدم ذلك الغير. فلو كانت الماهية من حيث هي هي ، مفتقرة إلى المؤثر ، لزم من فرض عدم ذلك الغير (5) ] بطلان الماهية ، من حيث هي هي [لكن بطلان الماهية من حيث هي هي] (6) محال. لأن السواد يمتنع أن ينقلب غير سواد ، والبياض يمتنع أن ينقلب غير بياض.
والوجه الثاني : إن المفتقر إلى المؤثر ما يكون ممكنا ، والإمكان حالة نسبة إضافية بين الماهية وبين صفة من صفاتها ، لأنا إذا قلنا : إن كذا ممكن أن يكون كذا ، فهذا المعنى إنما يعقل إذا كان المفهوم من الموضوع مغايرا للمحمول. فإنه يمتنع أن يقال : السواد يمكن أن يكون سوادا. أما ما لا يمتنع أن يقال : السواد يمكن أن يكون موجودا. فثبت أن المحوج إلى المؤثر [هو الإمكان ، وثبت : أن
صفحہ 96