وثانيها : المعلومات القاهرة العالية المقدسة وهي الجواهر القدسية. والماهيات المجردة عن علائق الأجسام وأشرفها وأعلاها هو ذات الله تعالى وصفات جلاله ونعوت كبريائه (1).
فهو سبحانه لغاية إشراق جلاله ، عجزت العقول عن إدراكه وضعفت الأوهام والأفهام عن الوصول إلى ميادين إشراق كبريائه ، وإليه الاشارة بقول صاحب الشريعة [صلوات الله عليه] (2): «إن لله سبعين حجابا من نور ، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما في السموات والأرض» وكان بعض الصالحين يقول (3): «سبحان من احتجب عن العقول بشدة ظهوره ، واختفى عنها بكمال نوره» وإذا عرفت هذا ، فحينئذ صار العقل عاجزا عن إدراكه وعرفانه ، لغاية قوته ، وكماله ، واستعلائه.
وكما أن البصر عاجز (4) عن إدراك قرص الشمس لكمال نوره ، وكما أن البصر لا يتخيل من (قرص) (5) الشمس إلا السواد والظلمة ، ولا يتخيل فيضان النور إلا من أطراف قرص الشمس ، فكذا هاهنا العقل إذا حاول النظر إلى كنه كبريائه (6) غشيته حالة كالدهشة والحيرة فلا يبصر البتة شيئا ، بل يمكنه أن يرى نور كرمه وفيض جوده ورحمته ، واصلا إلى خلقه كما نرى نور قرص الشمس فائضا من أطرافه وجوانبه.
وثالثها : المعلومات المعتدلة التي لا تكون في غاية القوة والجلالة ولا في غاية الضعف والحقارة ، وأمثال (7) هذه المعلومات مما تقدر القوة العاقلة على إدراكها والإحاطة بها ، فظهر بهذا الاعتبار الذي قررناه : أن العقول مدفوعة ،
صفحہ 48