إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ وآلهتهم هي قباب أضرحة الموتى وأعتابها، دمغناهم بالحق، فراحوا يعوون عواء اللص الحذر، وقع فجأة في قبضة الحارس، وجأروا بالشكوى الذليلة إلى النيابة، فلم تر النيابة فيمن يمسك بالبريء إلا مجرما، وشكوا إلى رئيس حكومة سابق، وختموا الشكاة بهذه الضراعة الذليلة: "والله نسأل لمقامكم الرفيع الخير والسؤدد في ظل حامي الدين حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم صان الله عرشه، وأيد حكومته الرشيدة، وألهمها التوفيق"١، فلم ير الرئيس السابق فيمن يثرم أنياب الرقطاء مجرما. وطاح الحق ببغي إلههم وملاذهم حامي دينهم، كما كانوا يلقبونه.
وما زلنا -بعون من الله نستلهمه- بكتاب الله نتحداهم، وبسنة رسوله ﷺ نحاججهم، والله على كل شيء شهيد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
سيقول الناعمون -من ذوي الألسنة التي استمرأت كلمات الذل والعبودية، وليونة النفاق، وممن يتملقون الجماهير على حساب الحق، ويزعمون أنهم لا يحبون إثارة شقاق، أو جدال، ولا الطعن على أحد- سيقول هؤلاء: ما هكذا يكون النقد، ولا هكذا يكون البحث العلمي!! لا. أيها المدللون الخانعون للأساطير، فإنا لسنا أمام جماعة مسلمة، فنخشى إثارة الشقاق بينهم، ولو خشى الرسول مثل هذا لمالأ قريشا على حساب الحق، ولكنه ﷺ أطاع أمر ربه ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤] ووعى قلبه -المشرق المؤمن الطهور التقي- موعظة ربه فيما قال له العلي الكبير: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: ٩] وفيما قال له: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا، وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا، إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٧٣-٧٥] فكان سيد ما يستغفر به الرسول الكريم الأمين ربه: "اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك
_________
١ قدموا هذه الشكوى بتاريخ ٤ أغسطس سنة ١٩٥١.
1 / 9