بدعوة الناس إلى التوحيد الخالص، وإذا ما تمكنت عقيدة التوحيد الخالص من قلب المسلم، جعلته إنسانا مثاليا في دينه وخلقه وروحانيته، ودفعت به إلى الحياة بطلا يعمل باسم الله لتحقيق المثل العليا للجماعة المسلمة، بل للإنسانية عامة، وجعلت منه وليا كريما للحق والعدل والخير والصدق والسمو والكرامة؛ وذلك لأنه يحمل قلبا مؤمنا لا يحب إلا الله، ولا يرهب غير الله، ولا يتقي غير الله، ولا يرجو إلا ثواب الله، ولا يطيع غير الله ورسوله ﷺ، أما الصوفية سواء كانت نظرية أم عملية، فقد قامت لتصرف الناس عن عبادة الخالق، إلى عبادة المخلوق. إنسانا كان أم حيوانا، ملكا أم شيطانا، حيا أم ميتا، لتجعل من المسلمين عباد هوى وشهوة وأوثان.
ناج القلب الصادق الإيمان باسم الله يتجاوب معك، أَبِن له عن أمر الله، تجده يتلمس كل سبيل إلى طاعة أمر ربه سبحانه، ناشده باسم الله ما يحب الله تجده طيعا ذلولا في عزة ونبل وكرم وإيثار. ثم سل القلب الصوفي بعض ما سألت قلب المؤمن، فلن يسمع لك إلا إذا ناجيته باسم طواغيته ابن عربي وابن الفارض والشعراني وأمثالهم، أو باسم أوثانه وأصنامه، من قباب آلهته الموتى.
فنحن إذن نعمل ليكون لله وحده الدين خالصا، ولتكون قلوب عباده إيمانا به وحده، وحبا له وحده، ورجاء فيه وحده، وتقوى له وحده، ولتتوحد الجماعة الإسلامية بهذا الإيمان، وهذا الحب، وهذا الرجاء، وهذه التقوى.
وإلى العلي القدير أضرع أن يجعل علمنا خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعل من المسلمين أمة واحدة تعمل بقول الله سبحانه: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾
عبد الرحمن الوكيل
عضو جماعة أنصار السنة المحمدية
القاهرة: الجمعة:
١٢ من صفر سنة ١٣٧٢
٣١ أكتوبر سنة ١٩٥٢
1 / 16