أولى الإفراني بيئة الشاعر أهمية كبيرة فتناولها من جميع جوانبها التي أثرت في ابن سهل وجعلت منه شاعرا رقيقا، ووشاحا غزلا، ومنها طيب هواء مدينة إشبيلية، ودماثة أخلاق أهلها، وميلهم إلى الموسيقى والطرب. وأضاف إلى ذلك تأثر ابن سهل بانتمائه اليهودي في بيئة إسلامية، حتى رد بعض المغاربة رقة شعره إلى اجتماع ذلين فيه: ذل العشق، وذل اليهودية(¬1)[57].
ولسنا في حاجة إلى تأكيد العلاقة بين اهتمام الإفراني بجانب الرقة والشاعرية في شخصية ابن سهل وبين الموشح المشروح وموضوعه الغزل، ويقوي ذلك أن الإفراني شرح هذا النص في ظروف ازدهرت فيها الموسيقى بالمغرب، وزاد نتيجة ذلك الاهتمام بالموشحات.
[ص27]
وتنسجم النصوص التي انتقاها الإفراني من ديوان ابن سهل وألحقها بترجمته في المسلك السهل مع موضوع الموشح المشروح، فكلها في الغزل تبرز فيها الصناعة البديعية، ولاسيما التوجيه.
وغلبة طابع الرواية على المؤلف في هذه المقدمة كثيرا ما جعله ينتقل من مادة إلى ما يشابهها أو يقترب منها، فحديثه عن الموشحات يؤدي إلى الحديث عن الزجل والدوبيت والمواليا. وترجمة ابن سهل اليهودي تذيل بالتعريف بستة من اليهود النابغين في البيئة الإسلامية.
والاستطرادات كثيرة في هذه المقدمة تبعد القارئ عن إدراك هدف المؤلف من المادة الغنية التي يحشرها فيها، فيأخذ بعضها برقاب بعض برباط قوي أو ضعيف. غير أنه إذا رجع إلى مفهوم الأدب في عصر الإفراني، كما سنحدده في مبحث لاحق، وجد للمؤلف عذرا.
وتعتبر هذه المقدمة التاريخية، مضافة إلى الميل إلى الرواية والحديث عن الظروف المحيطة بالنص ومعانيه في مجمل الكتاب، علامة مبكرة على ميل المؤلف إلى التاريخ الذي سيغلب عليه بعد عودته من فاس.
صفحہ 29