ويدل عدد النسخ المتوفرة في الخزانة الملكية والخزانة العامة بالرباط وحدها وهو ثلاثة وعشرون نسخة مخطوطة، على ما كان للكتاب من رواج. ولقد أصبحت النسخ المطبوعة منه أندر من المخطوطة، على أن طبع الكتاب في حد ذاته له دلالة خاصة في عصر اتجه فيه الاهتمام إلى الكتب الدينية واللغوية.
ولم نعثر بين الشروح التي ظهرت بعد المسلك السهل في المغرب على ما يسمو إلى مستواه، أو يدانيه في قيمته. ومنها: فتح المنان في شرح قصيدة ابن الونان لمحمد العربي المشرفي، وشروح البردة والهمزية التي أصبحت عبارة عن تلخيصات وتقاييد هزيلة. ويظل المسلك السهل من أبرز المعالم في اتجاه النقد التطبيقي في المغرب الأقصى لما توفر فيه من تصور منهجي وتذوق فني بلاغي للنص المشروح. وهو بعد مصدر للتعرف على ثقافة الأديب في عصر الإفراني بمصادرها الشرقية والأندلسية والمغربية.
* * *
أما الطريقة التي اتبعها الإفراني في الشرح والخطوات التي سار عليها فهي ليست مما ابتدعه أو انفرد به، وإن تميز بالتزامه بصرامة. بل نسج فيه على منوال غيره من الشراح الذين سبقوه من مغاربة ومشارقة، ممن ساروا في هذا الدرب، ومهدوا هذا الطريق، مع اختلافهم في التزام هذه الخطوات كلها أو بعضها أو الزيادة عليها. وبعد استعراض عدد وافر من الشروح الأدبية برزت لنا حلقات السلسلة التي ينتظم فيها المسلك السهل. ونقف الآن وقفة قصيرة عند أربعة شروح لعلماء من [ص23] دعائم هذا الاتجاه أو هذه المدرسة لنعرف بالطرائق التي اتبعوها في شروحهم وهم: الصفدي في الغيث المسجم في شرح لامية العجم، وابن مرزوق في إظهار صدق المودة في شرح البردة، والمغوسي في إتحاف ذوي الأرب بمقاصد لامية العرب. والأليوري في شرح البردة.
صفحہ 24