ولا شك أن قوة الدفاع وعنف الاتهام في عبارة الإفراني ناتجان عن وجود منكرين متشددين، يقول: "كأني بمتعسف ممتلئ الصدر بالأضغان والإحن ينكر إكبابي على إيضاح مغفل هذه الموشحة، ويحتج بأنها مشتملة على وصف الخدود والقدود، والمبالغة في وصف الراح، وكل ذلك مما هو حرام في الشريعة"(¬1)[23]. ولهذا الكلام ارتباط بالصراع الذي صورناه في كتابنا الإفراني وقضايا الثقافة بين اتجاهين فكريين ودينيين في عصره.
[ص17]
ونجعل دفاع الإفراني عن الأدب والمفاهيم الأدبية التي طرحها عليه شرح موشح ابن سهل في النقط التالية:
1 التنويه بالأدب عامة. وخصص له الإفراني جزءا من خطبة الكتاب مستشهدا بسلوك الصحابة، موردا تنويه الرسول بالبيان في الحديث المشهور، مبينا أثر الأدب في تكوين شخصية الإنسان وتمييزه عن الحيوان بقوله: "ولعمري إن كل من لا يتعاطى الأدب، ولا ينسل لاجتلاء غرره، واجتلاب درره من كل حدب، ما هو إلا صورة ممثلة، أو بهيمة مرسلة"(¬2)[24]. ويعود لهذا الموضوع من حين لآخر عازيا التفاوت في الأدب إلى التفاوت في البلاغة. وهذه الانطلاقة في التأليف، وما فيها من هجوم على خصوم الأدب تعبر عن ذكاء الإفراني، فبعد أن أحل الأدب المكان اللائق به من الاحترام انتقل إلى التنويه بموشح ابن سهل، وتفضيله على غيره، تبريرا للاشتغال به.
2 تبرير شرح نص غزلي. وذلك في مبحث (الزهر الغض في الرد على من عاتب في التوشيح أو غض). عرض الإفراني هنا موقف الدين من الغزل معتمدا على فتوى مفصلة لواحد من أشهر فقهاء المغرب وهو ابن رشيد الفهري السبتي. كما عمم الحديث فناقش بالمناسبة موقف الدين من الرثاء مبينا الحد الفاصل بين الجائز منه والممنوع، وأثر الأدب في تخفيف ألم أهل الفقيد.
صفحہ 18