أحس أنها كانت جميلة بأكثر مما يجب أن تكون عليه امرأة في مثل هذا المكان، وشعرت بأنه كان منهكا وبائسا، وقد فقد الكثير من وزنه، وهو ما يجب أن يكون عليه رجل في هذا المكان. احتضنا بعضهما البعض بشدة، فرحت المقاتلات عندما عرفن أنها جاءت لتبقى وتحارب في صفوفهن. كانت هنالك تسعون امرأة أخريات، كلهن متزوجات من الجنود ما عدا مريم، التي يطلق عليها شارون اسم مريم المجدلية؛ فهي تؤجل زواجها دائما لحين تحرير دارفور أو ظهور السيد المسيح، أيهما أقرب، ويشاع عنها بين المقاتلين ما يشاع.
ما يسمى بالمدينة، التي سمع عنها شيكيري وصديقه كثيرا في المعسكر، ليست سوى بضعة مساكن من الحجر مسقوفة بالطين والأعشاب البرية تحاط بصورة تامة بمرتفعات صخرية، تحيط بنبع ساخن صغير، تبدو من الجو مثل خاتم من الحجر والعشب البري. هذا النبع هو المصدر الوحيد لماء الشرب غير الصالح للاستهلاك الآدمي إلا بمعالجات تجعله صالحا بنسبة خمسين بالمائة. وهنالك أيضا زريبة للمواشي والأبقار والجمال التي في الغالب تمت مصادرتها من الجنجويد، ترعى خريفا وصيفا على العشب النابت على حواف مجرى العين، في واد ضيق يتلوى بين المرتفعات مثل ثعبان من الماء. توجد أيضا كثير من أشجار العرديب والتبلدي العملاقة، التي تغرق كل شيء في ظلها. هذا المكان الصغير الجميل الاستراتيجي فشلت الحكومة في السيطرة عليه تماما، نسبة للدفاعات الصاروخية ومضادات الطيران التي به، حقول الألغام واللواء الذي لا يقهر، وهو المرتفع الصخري الذي يحيط به كحصن أسطوري.
تستخدم المدينة لسكن الأسر فقط، ولا يوجد بها أطفال في عمر المدرسة؛ لأنه يتم تسريبهم لإحدى المدن الكبرى في هذا العمر للدراسة، بها نساء جميلات محاربات وزوجات في نفس الوقت، يقمن بواجب الزوجية بمتعة ويحاربن بشرف وبسالة، وهن دائما ما يبقين للدفاع عن المدينة حينما يكون الرجال بعيدين ينصبون الكمائن والفخاخ للجنجويد. جهزت غرفة لعبد الرحمن وزوجها شيكيري توتو كوه، لم تكن لدى الزوجين رغبة في فعل شيء، تحدثا قليلا، احتضنا بعضهما وناما.
حلم شيكيري بينما كانت أنفاس عبد الرحمن تعلو وتهبط في هدوء قرب وجهه، حلم بعبد الرحمن تذبح جنجويدا سمينا شحما، وتخرج كبده وتطعمها لحيوان صغير فمه فم إنسان وبقية جسده وأعضائه تشبه القطط، كان الحيوان يأكل الكبد بشراهة، ويريد المزيد، فتذبح عبد الرحمن آخر، وهكذا إلى أن أتت على صف طويل من الجنجويد، ثم أشار الحيوان بلسانه إلى شيكيري، وكشر عن أنيابه، ثم بال، ويبدو أنه عندما يفعل ذلك لا بد أن يكرم بما أشار إليه بلسانه، ولا خيار آخر. فجاء مقاتلون بشيكيري، وضعوا السكين في عنقه، وطلب منه أن يقول كلمة أخيرة، عندها استيقظ فزعا، نهض من قرب عبد الرحمن التي استيقظت هي الأخرى، فسألها ما إذا أكلت كبد الجنجويد. تثاءبت، مسحت وجهها بكفها، أخبرته بأنها ندمانة لعدم فعله. عندما حاولت وجدت أن كبد الجنجويد تفوح منه رائحة كالبراز الآدمي، فكرهته واستفرغت. أكدت له أيضا أنه لا يوجد داع لكل ذلك، يكفي قتل هذا الشيء.
حدث ذلك في الصباح الباكر، كعادة عبد الرحمن تستيقظ متأخرة قليلا عن العمة خريفية ومتأخرة كثيرا جدا عن زوجها شيكيري توتو كوه الذي يذهب للطابور والتمام العسكري عند الخامسة والنصف صباحا. أول شيء تفعله هو أن تذهب للمرحاض، تقضي حاجتها، ثم تملأ جردل الماء وتدخل الحمام، تستحم وهي تغني بصوتها الجميل، تحب أغنيات عمر إحساس، تقضي في الحمام عادة نصف الساعة، فهي تهتم بنظافة جسدها الشخصية يوميا وبصورة دقيقة، بدءا بحك أخمص قدميها، تنتف إبطيها ، انتهاء بقص أظافرها، بالنسبة لها الحمام الجيد مفتاح ليوم جميل؛ بالتالي عندما تحرم منه لأي سبب من الأسباب، يكون ذلك مدعاة لتوترها وتشتتها فيما يتبقى من اليوم، والأهم في الحمام في هذا المكان بالذات صهيل الخيل الذي يأتيها من الحديقة، يذكرها بأيامها الغابرات في خربتي، ويثير فيها شجنا جميلا.
بينما كانت تدلك ظهرها بالليف والحبل، إذا بها تسمع خشخشة في العشب الذي يمثل الجدار الخلفي للحمام المقابل لجنينة المانجو، ظنته في بادئ الأمر الورل، وهو من الزواحف الكبيرة التي تتواجد بكثرة في وادي برلي، وخاصة قرب البركة الدائمة التي توجد في جنينة المانجو، ولكنها عندما فكرت في أنه ثعبان ارتعدت قليلا وانكمشت على جسدها، وأخذت تبحلق في الناحية التي أتى منها الصوت بتركيز أكثر، وهي في تمام الاستعداد للهرب في الوقت المناسب، كانت الخيل تصهل، لا شيء آخر، تصهل في رعب كما لو أنها شاهدت جنيا رجيما، ويأتي إلى مسمعها أيضا صوت العم جبريل يهدئها ويتساءل عن سبب ثورتها، لكن فجأة انفتحت كوه كبيرة في الجدار العشبي للحمام، وأطل من الجهة الأخرى وجه رجل، كان أصفر البشرة، مشعرا، له شعر كث وكأنه الشيطان، له ذقن صغيرة غير حليقة وشاربان كبيران، لأول وهلة عرفت أنه جنجويد، وبسرعة البرق فج الجدار بصورة تامة، وكان أمامها وجها لوجه، كان قد تملكها الرعب بالصورة التي منعتها من التصرف السريع، كل ما فعلته هو أنها انكمشت على نفسها محاولة ستر عورتها ونهديها، بالانطواء التام على فخذيها، كانت تفوح منه رائحة العرق، مختلطة بصنان زنخ من إبطيه، رائحته أشبه بالجيفة منها لرائحة الإنسان، كان يرتدي بنطلونا عسكريا عليه جلباب مدني مشرب بالأوساخ، على كتفه بندقية جيم ثلاثة.
كان يحاول أن يتحدث معها برفق، لكنها تجنبت تماما النظر أو الاستماع إليه، حينها هددها بالقتل، واستل سكينته من ضراعه، مررها أمام وجهها المنكفئ، حتى كاد أن يلامس نصلها أنفها، شمت رائحة الدم، عندها فكرت بجدية وبطريقة مختلفة تماما، طلبت منه أن يدخلا حجرتها، وأنه لا أحد بالمنزل، أكد لها إذا تفاجأ أن بالمنزل أي إنسان فإنه لا يتردد في قتله وقتلها، ووضع بندقيته في موضع إطلاق النار، أنا أفهم تماما أنه يستطيع أن يفعل ذلك بدم بارد؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يعاقبه على شيء، ولو قتل سكان المدينة جميعا؛ لذا تمالكت نفسي، حملت بقية ملابسي بيدي بعد أن سمح لي بارتداء الجلباب فقط، عندما دخلنا قطيتي، أغلق الباب، وطلب مني أن أرقد في السرير بعيدا عنه حتى يدبر حاله وألا ألتفت إليه مطلقا، عندما سمعت صوت حك حنجرته، كان يقف أمامها، يرتدي لباسا داخليا طويلا به بقع كبيرة من الأوساخ، كان عاري الصدر وبيده اليمنى سكينة كبيرة.
قال لها فيما يعني إذا أرادت أن يتم الأمر بخير، فعليها أن تستسلم ولا تحاول المقاومة، وإذا لم ترده كذلك فإنه سوف يستخدم سكينته، وعرفت أنه يظنها عذراء؛ لذا نبهته بأنها متزوجة، هنا وضع سكينه جانبا، أرخى لباسه المتسخ الكبير، وأخفى عنها شيئه، لكنها استطاعت أن تراه، كان شيئا قصيرا هزيلا، في لون الطوب محاطا بشعر كث، إنه أقرب لعضو طفل كبير منه لعضو رجل بالغ، ضحكت بينها وبين نفسها، وقامت بفتح رجليها على مصراعيهما، أغمضت عينيها، وغابت في خيالاتها.
أول مرة تغتصب فيها كان الأمر مؤلما ومختلفا تماما؛ لأنها كانت في ذلك الحين عذراء ومختونة بصورة قاسية، ما يسميه الناس في تلك الأنحاء ختانا فرعونيا، ولأن الرجل لا يمكنه أن يخترق تلك المعضلة بعضوه في يوم واحد أو لحظات كما يرجو المغتصب، فإنه استخدم سكينته، ثم لم ينتبه هو أو الذين توالوا عليها من بعده في نفس اليوم، نفس اللحظات، إلى أنها كانت مغمى عليها بصورة تامة، أقرب لجثة. كانت تفكر بجدية وبعمق، وهو يصدر أصواتا تنم عن استمتاعه بالفعل، ورائحة تنم على قذارة في الجسد؛ النفس والروح، كان هزيلا وغير فاعل بالمرة، يحاول جهده أن يبث فيه الحياة عبثا، وقد ضايقتها أكثر أنفاسه النتنة، ورائحة جسده، بدا لها ضعيفا قذرا وأكثر بؤسا؛ لأنها تريد أن ينتهي كل شيء بأسرع ما يمكن، أظهرت له ما يعني أنها استجابت، لمسته برفق متوحش، وبحركتين تافهتين من فخذيها جعلته يصل ذروته، دفعته في الوقت المناسب بعيدا عنها، حتى لا يلوثها بقاذوراته، رقد قربها كالطفل لدقائق، عبث بنهديها، ثم علا شخيره، كان شخيره مثل عواء الذئب الجائع.
حررت جسدها من مخالب كفتيه، وانسحبت للخارج، مسحت فخذيها بالملاءة، البقية كانت في سرواله المتسخ، لم يستغرق منها الأمر طويلا؛ لأنه منذ الضربة الأولى توقف عن التنفس تماما، واسترخى جسده، ظلت أصابع قدميه ترتجف لثوان أو ربما لبعض دقائق، ثم لم يعد هنالك ما يخيف أو يتطلب إجراء ما، كأنه ما جاء إلا ليموت، لم تخف. «كنت باردة الأعصاب كأنما لو كنت أقتل كل يوم جنجويدا، أحسست بلذة عظيمة، إنني الآن أنتقم لكل أسرتي وأقاربي، أحسست بأني الآن إنسانة، رأيت أمي، أبي، إخواني، وأخواتي يبتسمون لي، يقولون لي بلغتنا: أحسنت
نامعلوم صفحہ