الحقيقي ويراد به عند قوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل مواضعها أعني المساجد قال رحمه الله في الكتاب المذكور عند ذكر الاستخدام بعدما عرفه بأنه عبارة عن أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين مقرونة بقرينتين يستخدم كل قرينة منهما معنى من معنيي تلك اللفظة وفي الآية الكريمة قد استخدم سبحانه لفظة الصلاة لمعنيين أحدهما إقامة الصلاة بقرينة قوله سبحانه حتى تعلموا ما تقولون والآخر موضع الصلاة بقرينة قوله جل شأنه ولا جنبا إلا عابري سبيل انتهى كلامه وهذا النوع من الاستخدام غير مشهور بين المتأخرين من علماء المعاني وإنما المشهور منه نوعان الأول أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ثم يراد بالضمير الراجع إليه معناه الآخر والثاني أن يراد بأحد الضميرين الراجعين إلى لفظ أحد معنييه وبالآخر المعنى الآخر فالأول كقوله إذا نزل السماء بأرض قوم، رعيناه ولو كانوا غضابا والثاني كقوله فسقى الغضا والساكنيه وإن هم، ستودبين جوانحي وضلوعي ولا يخفى أن عدم اشتهار هذا النوع بين المتأخرين وعدم إطلاقهم اسم الاستخدام عليه غير ضار فإن صاحب هذا الكلام من أعلام علماء المعاني وأعاظم بلغائهم ولا مشاحة في الاصطلاح ثم لا يخفى أن ما ذكره هذا الفاضل لا يخالف رواية زرارة ومحمد بن مسلم التي أشرنا إليها فإنها هكذا قلنا له عليه السلام الجنب والحائض يدخلان المسجد أم لا قال لا يدخلان المسجد إلا مجازين إن الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا هذا لفظ الرواية وهو عليه السلام سكت عن تفسير الصلاة بمواضعها فاحتمال إرادة معناها الحقيقي قائم والله أعلم درس اختلف المفسرون في المراد بالسكر في الآية الكريمة فقال بعضهم المراد سكر النعاس فإن الناعس لا يعلم ما يقول وقد سمع من العرب سكر السنة أيضا والظاهر أنه مجاز علاقته التشبيه فإطلاق السكران على الناعس استعارة وقال الأكثرون أن المراد سكر الخمر كما نقل أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا لجماعة من الصحابة قبل نزول تحريم الخمر فأكلوا وشربوا فلما ثملوا دخل وقت المغرب فقدموا أحدهم ليصلي بهم فقرء أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد فنزل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية وكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوا فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر والواو في قوله جل شأنه وأنتم سكارى واو الحال وجملة المبتدأ والخبر حالية من فاعل تقربوا والمراد نهيهم عن أن يكونوا في وقت الاشتغال بالصلاة سكارى بأن لا يشربوا في وقت يؤدي إلى تلبسهم بالصلاة حال سكرهم وليس الخطاب متوجها إليهم حال سكرهم إذ السكران غير متأهل لهذا الخطاب وحتى في قوله سبحانه حتى تعلموا ما تقولون يحتمل أن تكون تعليلية كما في أسلمت حتى دخل الجنة وأن تكون بمعنى إلى أن كما في أسير حتى تغيب الشمس وأما التي في قوله جل شأنه حتى تغتسلوا فبمعنى إلى أن لا غير وقد دلت الآية الكريمة على بطلان صلاة السكران لاقتضاء النهي في العبادة الفساد ويمكن أن يستنبط منها منع السكران من دخول المسجد ولعل في قوله جل شأنه حتى تعلموا ما تقولون نوع إشعار بأنه ينبغي للمصلي أن يعلم ما يقوله في الصلاة ويلاحظ معاني ما يقرئه ويأتي به من الأدعية والأذكار ولا ريب في استحباب ذلك فقد روى رئيس المحدثين قدس الله روحه عن الصادق عليه السلام أنه قال من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله عز وجل ذنب إلا غفر
صفحہ 309